الهوية التائهة .. / ن عبود، ممدوح بيطار
مصطلح الهوية الوطنية حديث نسبيا , وقد ظهر مع تشكل ونمو الدول الوطنية في اوروبا وما رافقها من تطور للقوانين الحاكمة للعلاقة بين افراد الوطن , حتى اضحى حقيقة راسخة بوعي الانسان الغربي,
دخل هذا المفهوم بلادنا مع تشكل الحكومات الوطنية , وحتى الان بقي غامضا تتنازعه انتماءات اخرى اكثر عمقا في وجدان شعوب الشرق كالقومية او الدين او حتى الطائفة , استطيع الجزم بان مفهوم الوطنية في بلادنا متباين بقدر التاثير النسبي لهذه الانتماءات على وعي كل فرد في الشرق اجمالا , و هذا كان ولا يزال احد اسباب تشظي وتنكص الحركات السياسية في سوريا , وذلك لعدم امتلاكها للحد الأدنى من التوافق حول هوية سوريا المستقبلية , أهي سوريا للسوريين ! أو سوريا للعرب ! أو للاسلام ! , تبعا لذلك كانت هناك اختلافات كبيرة حول أولوية الانتماء …سوري ..عربي …اسلامي …الخ , هنا تطرح أسئلة بحاجة للبحث والمراجعة والاجابة , علنا نقترب اكثر من فهم مشترك للهوية والانتماء الوطني ومنها على سبيل المثال:
1 – هل العدالة الاجتماعية وزوال الحكومات الديكتاتورية كافية لترسخ المفهوم الوطني مع الزمن ؟
أو ان المشكلة اعمق بكثير وتلامس جذور الوعي الثقافي لشعوب الشرق ,الذي يعيد انتاج الدكتاتوريات , وكأنه مدمن عليها … يقال ان العربي لايقتنع الا بالقوة , ويرتاح للاستكانة والخنوع …!!!!!! هل المفهوم الحديث للوطن هو نتاج تجربة غربية غير صالح للاستعمال في هذا الشرق ؟
2 – هل الحدود الوطنية التي رسمت جغرافيتها اتفاقية سايكس- بيكو كانت ظالمة لدرجة تمييعها ومحاربتها من قبل العروبيين لصالح مفهوم القومية العربية والدولة العربية من المحيط البى الخليج , ومن قبل الاسلاميين لصالح مفهوم الخلافة العابر للحدود الجغرافية والملتزم بالحدود الديموغرافية المذهبية ؟, وهل الدولة العربية أو الخلافة أكثر واقعية من الدولة السورية القطرية ؟ ..اليست الحالة نفسها موجودة في اوروبا, وقد تأسست في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية على الأقل 8 دولا جديدة , لم تكن التقسيمات الجديدة في أوروبا عائقا امام ترسخ مفهوم الهوية الوطنية ضمن الجغرافا السياسية التى رسمتها الحروب والاتفاقيات الخاصة بها ؟
3- هل الحدود الوطنية الحالية ومفهوم الهوية الوطنية يتعارض فعلا مع فهم الدين للدولة ,خاصة في دول متعددة الأديان والطوائف … ؟, أو انها ا تتعارض فقط مع المفاهيم العروبية , ومع مفاهيم الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي للدولة الوطنية, التي ترىمثلا ان مسلم بورما اهم وأقرب اليه من جاره المسيحي او حتى اليهودي؟.
لماذا عجزنا على اختلاف انتماءاتنا السياسية عن تكوين وعي وطني مشترك كباقي الامم, وبقيت غالبيتنا تعيش في مرحلة انتماءات الممالك ومللها شبه المغلقة ,بلباس دولة وطنية وحدودها المفتوحة لحروب قومية او دينية او حتى طائفية , بالتالي بقيت دول هشة مهددة بالتشظي امام اي هزة عنيفة.
قد تساهم الاجابة العقلانية على الأسئلة المطروحة في تكوين تصور مقبول عن علاقة مشروع الدولة مع خاصة الانتماء وخاصة الهوية الوطنية ,هل الدين هوية بمستوى الوطن ؟ هل اللغة العربية هوية بمرتبة الهوية الوطنية ؟ هل سوريا كدولة حالة مرحلية ؟
لاتقتصر الأسئلة حول الهوية على ماذكر, هناك أسئلة أخرى على قدر كبير من الأهمية , يجب طرحها والاجابة عليها
——–
الصورة عن موقع صحيفة “العرب”