القذف المبكر عند الرجل / Réjean TREMBLAY ، ترجمة وإعداد د. لؤي خدام
لا يخفى على أحد، أن العديد من الرجال، و بشتى الأعمار، يعتبرون أنفسهم مصابين بالقذف المبكر. هذه الفكرة تخرج من الإحصائيات الدورية، فعلى سبيل المثال ينص تقرير هيت Hite أن ما يقارب 74% من الرجال عانوا خلال فترة ما من حياتهم، أو مازالوا يعانون من عدم تمكنهم على المحافظة خلال فترة كافية على الانتصاب أثناء الجماع.
تنعكس هذه الشكوى بالعيادات التي تهتم بأمور المشاكل الجنسية، حيث نلاحظ أن جمهور الرجال الذين يشكون من السرعة الكبيرة بعلاقاتهم الجنسية هم من يملأ هذه العيادات بشكل أساسي.
لا ترتبط هذه الشكوى بالعمر. و يمكن أن نلاحظها بشتى الأعمار. إذ سجلت عدة شكاوى من رجال ناهزوا الثمانين من العمر.
كيفية ظهورها: أشار البعض أن الشكوى بعدم المقدرة على السيطرة قد ظهرت بشكل مفاجئ، و البعض الأخر يقول أنها ظهرت بشكل تدريجي و بمرحة ما من العمر. و لكن الغالبية العظمى من الشكاوى تنص أن المشكلة ظهرت باكرا خلال العمر.
لا يرتبط معدل تردد هذه الشكوى لا مع نوع الشريك الجنسي و لا مع علاقة المحبة بين الزوجين و لا مع العمر.
يصرح بعض الرجال بأنهم سريعين مع الزوجة بالمقارنة مع العشيقة.. و أحيانا العكس. و بالمقابل نجد عدد مماثل يعاني من نفس المشكلة بغض النظر عن الشريكة الجنسية.
يستغرب البعض من الرجال بأن التحريض الجنسي قبل الجماع، أو المستجدات بالحياة الجنسية لا ترتبط حكما بالقذف المبكر. و لكن بالغالبية العظمى من الحالات يصرح الرجال أن الارتكاس الجنسي يكون سريعا عند لقاء شريك جنسي جديد.
كما أن هذه الشكوى قد تترافق مع جميع الظروف الغرامية. جميع أصناف الرجال تشكي من القذف المبكر سواءً أكان الأمر قبل الزواج أم ببدايته أو بعد انقضاء سنوات عديدة عليه. أو لدى تغيير الشريك الجنسي، أو بعد انفصال الزوجين لوفاة أو طلاق، أو لدى الخيانة الزوجية أو عند الممارسة مع مومسات.
غالبا ما يضطرب الرجل بسبب هذه الحالة و هذا الاضطراب قد يتنوع بحدته لدرجة أن البعض يندفعون للانتحار بسببه.
و لكنه غالبا ما يسبب اضطراب بالحياة الزوجية و الغرامية و هذا قد ينعكس على الحياة العائلية و الاجتماعية.
نخلص للقول بأن القذف الباكر يمكن أن يشاهد بجميع الظروف و لا علاقة له مع النظام الغذائي و لا مع نموذج الشخصية سواء أكان الشخص هادئ أم سريع الغضب. متعلم أم لا تعبان أو مرتاح.
منذ قرون و البشر يطرحون على أنفسهم السؤال: لماذا أصبت بالقذف المبكر؟ و الأجوبة التي تواردت خلال العصور لتفسير هذا البلاء تتنوع كثيراُ.
و الحق يقال أن النظريات التي قدمت لتفسير هذا البلاء متنوعة جداَ. و يختلط بها الكثير من الأفكار الشائعة التي لا تستند إلى أي أساس علمي.
الأمر الواضح أن الآراء تتضارب كثيرا حول هذا الأمر. و يبدأ ذلك من:
تعريف القذف المبكر.
متى يمكن أن نقول أن هذا الرجل هو قاذف باكر و متى نقول عنه أنه طبيعي.
يقذف بنا السؤال إلى المصاعب الكبيرة التي تواجهنا عندما نريد وضع الحدود بين ما هو طبيعي و ما هو غير طبيعي. “يمكن العودة الى مقال >>> الطبيعي بالجنسانية الأنسانية لمزيد من المعلومات ”
التنوع بتعريف القذف المبكر و بأسبابه و الذي يختلف من معالج لآخر و من رجل لأخر و من امرأة لأخرى. و يصعب علينا أن نضع الإصبع على رأي أو تفسير موحد.
و أغلب من أضناه البحث عن جذور هذه المشكلة نراه و قد خرج من بحثه بخيبة الأمل.
فهل ستفيدنا هذه الأسطر برفع معنويات البعض؟
مختلف الآراء التي تعرّف القذف المبكّر:
لا بد قبل أن نغرق بمحاكمة هذه الشكوى من أن نتساءل من هو الذي يعاني من هذه المشكلة؟
===> تعريف القذف الباكر حسب أخصائيي علم الجنس définition des sexologues.
من هنا يبدأ الخلاف؛
برأس القائمة يتبرى البروفسور كنسي Kinsey 1954 :
وبرأيه، خلافا للعديدين، أن السرعة الجنسية ليست بمرض و ليست مشكلة. برأيه أن كل جواب فيزيزلوجي سريع يعتبر طبيعي. فلماذا يجب أن نصف الجواب الجنسي السريع بأنه مرضي.
مثلا: من يستجيب بسرعة لمنبه حسي يعتبر أنه يتمتع بحس سمعي ممتاز. فلماذا نصنف من يستجيب بسرعة لمنبه جنسي بأن مصاب بسرعة القذف؟
يجيب الباحثين على هذا السؤال بأن الأفكار المتوارثة غالبا ما تغطي الحقيقة العلمية التي نود أن ندرسها و أن نبحث عنها.
لنأخذ مثل الحضارة الصينية القديمة التي كانت تعتبر القذف بأنه إضاعة للطاقة وكانت تعتبر أن المفرزات المهبلية المزلقة عند السيدة مثل المطر الذي يأتي بالغذاء الأساسي لكل النباتات، فهذه المفرزات تشكل للرجل ينبوعا هائل للطاقة.
وكلما زاد تهيج النساء كلما زادت هذه المفرزات بشكل يسمح للرجل بأن يخزن هذه الطاقة. و بالتالي كانت هذه الأفكار القديمة تنصح الرجل بالامتناع عن القذف وتنصحهم بأن يحبسوا أنفسهم بقدر ما يستطيعون للمحافظة على هذه الطاقة.
كانت هذه الأفكار تترك للرجل حريته بأن يطلق عنانه مع المومسات لأنها كانت تعتقد بأن المموسات تعطي للرجل طاقة تفوق ما يخسره أثناء القذف.
ومتعة المرآة لا تأتي حسب هذه المعتقدات سوى بشكل ثانوي حسب مقدار ما تفقده أو ما تكسبه من طاقة.
و نجد معتقدات مخالفة ببعض المجتمعات الأولية التي كانت تعتبر القذف نوع من السباق. و الغالب هو القوي الذي يستطيع أن يقذف قبل غيره. و بالتالي فحسب هذه المعتقدات كان القذف السريع ميزة جيدة بدل من أن يكون مشكلة.
ومن حقبة ليست ببعيدة لم تكن هذه المشكلة مطروحة بالأساس، حيث كانت العديد من المجتمعات لا تعطي حق التمتع بالجنس سوى للرجال.
وهذا كان يرضي العديد من النساء اللواتي كن يعتبرن الجماع كواحد من الواجبات الزوجية، و بذلك فأن القذف السريع هو مصدر للراحة.
والموسعة الهائلة التي كتبها Havelok. Elis ببداية القرن المنصرم والتي تشكلت من 11 جزء، لم تمر على القذف المبكر سوى مرور الكرام بفقرتين أو بثلاثة.
يستند هافلوك اليس إلى اعتبارات دينية بحتة كانت تعطي للخصوبة الدور الأولوي بالعلاقة الجنسية، أما المتعة و الإثارة فلم تكن تتمتع سوى بالدور الثانوي و المتمم الذي كان يصل ببعض المعتقدات، لاعتبار متعة المرآة معصية تستحق العقاب.
في العصر الحديث تهافتت الآراء لتعرف القذف المبكر حسب الزمن.
قيل بالبداية أن القاذف المبكر هو من لا يستطيع أن يتماسك نفسه أكثر من 30 إلى 40 ثانية أثناء الجماع وبحركات الذهاب والإياب.م
Master & Johnson وفي العام 1970 اعتبر أن الرجل يتصف بالقذف المبكر عندما لا يستطع أن يمتع زوجته أو شريكته الجنسية بفضل الإيلاج بأكثر من 50% من الحالات.
لاقى هذا التعريف الكثير من النقض. فلماذا يعتبر من يرضي شريكته بـ 45% من الحالات سريعا، بينما يعتبر من يرضيها بـ 55 % فقط غير سريع؟؟؟
نفس التساؤل يمكن أن يطرح بما يخص المدة، فلماذا من يصل إلى 40 ثانية يعتبر سريع و من يصل إلى 50 يعتبر طبيعي؟
لم يستطع أحد أن يعطي الحدود الطبيعية.
وعندما مال التعريف إلى إمكانية إرضاء الشريكة بدل الاعتماد على المدة الزمنية أو على عدد حركات الذهاب و الإياب. خلقت هذه الحدود مصاعب وتساؤلات أخرى تتعلق بنوعية الرضى الجنسي عند الشريكة، فأمر الرضى يبقى أمرا شخصيا. يمكننا أن نتخيل رجلا سريع القذف يلتقي مع شريكة لا تحتاج سوى لفترة قصيرة لكي تنال متعتها. بهذه الحالة لن تشكل سرعة القذف أي مشكلة للزوجين. و لكن لو اجتمع نفس الرجل مع أمرآة أخرى أبطأ، هل سيعتبر الرجل هو صاحب المشكلة؟
وبالحياة اليومية كثيرا ما نرى أن الشريكة التي تم تحضيرها جيدا بالمداعبات الأولية قد لا تستغرق أكثر من 30 ثانية من حركات الإيلاج لتصل إلى النشوة “اورغازم”.
من الشائع جدا أن نرى بالمنشورات القديمة فصل مخصص لتعليم الرجل كل ما يجب حول فن ممارسة الحب كي يبقي على شريكته، تقدم هذه المؤلفات الرجل و كأنه المسئول الوحيد عن متعة المرآة. إلى أن هب Boutot, 1982 l’orgasme au masculin للثورة ضد هذا المبدأ الذي يحمّل الرجل المسؤولية الأساسية للعملية الجنسية. و بالتالي أعفى الرجل من اعتقاده بأنه مصاب بالقذف الباكر عندما يجتمع مع سيدة تحتاج لزمن طويل قبل الوصول للرعشة خلال الجماع.
و كثيرا ما تبين بعد تخليص الرجل من عبئ مشكلة القذف الباكر أن شريكته تعاني من مشكلة حقيقية لدى محاولتها الحصول على المتعة الجنسية. بهذه الحالة لم يكن القذف الباكر سوى مشكلة ظاهرية تخفي خلفها مشكلة أخرى أعمق من ذلك. و من ناحية أخرى تفضل العديد من السيدات المتعة البظرية بدل المتعة المهبلية بالإيلاج، و على هذا لا يمكن أن يعتبر القذف الباكر سببا لعدم الرضاء.
ومنذ عام 1976 بدأ تقرير Hite الذي درس السلوك الجنسي عند النساء، بدأ بنشر وجهات نظر جديدة تنص أن المتعة الجنسية لا تتركز فقط على الناحية التناسلية. مشيرا بذلك إلى أن المتعة الجنسية المتبادلة لا تقتصر على إيلاج القضيب بالمهبل لحد الوصول إلى الرعشة بهذا الطريق فقط. بهذا الشكل شكك تقرير هيت بدور التحريض المهبلي كمنبع أساسي للرضاء الجنسي عند النساء. وجهات النظر هذه خففت كثيرا من دور القذف السريع كسبب بالمشاكل الجنسية الزوجية.
وبهذا الشكل بدى أخصائيي علم الجنس ممن ساروا على هذه المعتقدات و كأنهم يلتزمون بجنسانية إنسانية ذات امتداد واسع، لا تقتصر على المنطقة التناسلية. و لا يتطلب الكمال و التقنية العالية، و لكن تعميم هذه المبادئ لم يكن أمرا سهلا.
و بنفس الحقبة هاهي Hélène Kaplan 1979 تتحدث عن عدم مقدرة الرجل السيطرة على منعكساته. فعرّفت القذف الباكر بأنه أمر يحدث كمنعكس لا إرادي يحصل عند الرجل الذي يصل خلال التحريض الجنسي إلى مرحلة تتكثف بها إثارته إلى درجة لم يعد قادرا بها من السيطرة على نفسه.
تعرف أغلب القواميس المنعكس بأنه حركة أو ارتكاس لا إرادي، يقوم به واحد من أعضاء الجسم عندما يخضع لتحريض خارجي. كما هي حالة اليد التي تنسحب بشكل لا إرادي عندما تقترب من مصدر حراري.
تعريف كابلان دفع للعديد من التساؤلات، طالما أن المنعكس هو حركة أو جواب لا إرادي، فلماذا يطلب من الرجل أن يسيطر على منعكس القذف خلافا لباقي المنعكسات. و لماذا منعكس القذف مضر بالعلاقة الزوجية خلافا لباقي المنعكسات؟.
بعد ذلك و بعام 1987 عرفت الـ American psychiatric association القذف الباكر بأنه ما يحصل عند رجل قبل أن يرغب به. و عندما يفقد إمكانية السيطرة على القذف و الرعشة.
لا يختلف هذا التعريف عن تعريف كابلان و ماستر و جنسون سوى بأنه لا يعطي لرضاء الشريكة سوى دور ثانوي.
لننقاش قليلا هذه النقطة:
1 ـ يتساءل العديد، من معالجين ومن مرضى ما هي الحدود التي تتوقف عندها الرغبة الشخصية.
من المعروف أن طريقة التربية هي ما يملي علينا طريقتنا بالتفكير والإحساس وبالسلوك، ومن زمن ليس ببعيد، بل و لحتى اليوم عند البعض، يعتبر الاستمناء “ممارسة العادة السرية” أمر غير مرغوب به, ولّد هذا عند الكثير العديد من مشاعر الذنب، وفشلت المحاولات الكثيرة بالسيطرة على الرغبة بممارسة الاستمناء.
هذا الاعتقاد ناشئ مجموعة من القيم الشخصية. و حتى نستطيع التشكيك أو التخلص من هذه الأفكار الخاطئة، يجب أن نعتمد على النقد الجريء و الواقعي لهذه القيم.
الأمر نفسه يبرز للوجود عندما نريد التحدث عن القذف الباكر. فمن يعتبر نفسه مصاب بالقذف الباكر، تعلم منذ البداية أنه يجب و قبل كل شيء أن يرضي شريكته و ذلك قبل أن يفكر بالقذف هل هو سريع أم بطيء. لا تهمه المدة التي يحتاجها لكي يقذف بقدر ما يهمه رضاء شريكته، و عندما ترضى شريكته لم يعد يهتم بالوقت اللازم للقذف تماما كما كان يفعل أثناء الاستمناء. حيث كان يأخذ متعته عندما تأتي.
نفس الشيء يحصل عندما تصل شريكته للرعشة بواسطة الملامسات الخارجية، عندها لن يهمه الوقت اللازم للقذف، و يأخذ متعته أيضا عندما تأتي.
يشعر من يعتبر نفسه قاذف باكر بالخيبة و الفشل فقط عندما يحصل عنده القذف اللا إرادي قبل رضاء شريكته. هذه النقطة بالذات يعبر عنها الكثيرين ممن يستشارون العيادات الجنسية إذ نراهم يرددون العبارة التالية:
== بالنسبة لي المتعة هي نفسها
== بالنسبة لي ـ أخذ دوما حاجتي من المتعة، و لكن ما يؤلمني أن من أحبها لا تأخذ نفس المتعة.
بواقع الأمر: يكمن جوهر المشكلة بتحميل الرجل مسؤولية متعة زوجته. و عندما نشكك بأمر هذه المسؤولية التي لقنتها دروس التاريخ و المجتمع، قد يختفي كل ما نسميه قذف باكر.
2ـ لا يجوز أن نعتبر القذف الباكر بأنه أمر مستمر. و مكرر و متردد. و إلا لأصبح بهذه الحالة أمر طبيعي.
و بالمقابل نطرح عدة أسئلة أولها:
== ألا يمكن أن نعتبر الأمر بعدة حالات كمنعكس لا إرادي/ لا يمكن السيطرة عليه؟ يعيدنا هذا التساؤل إلى فكرة الـ 50% الذي ذكرناها أعلاه. بالحالة الأولى كان همّ الرجل إرضاء شريكته. هل سنكتفي هنا بإرضاء الشريكة بنصف الحالات؟
هل توجد جنسانية أخرى يمكن بها إرضاء الشريكة دون إيلاج؟
== هل يمكن أن نعتبر القذف منعكس لا إرادي فقط بالحالة التي لا تكون بها الشريكة راضية؟ كيف سيكون الأمر لو وصلت الشريكة إلى رعشتها بسرعة قبل الإيلاج أو فور حصوله؟ هل تبقى عدم الإمكانية على السيطرة على هذا المنعكس أمر مرضي؟
3ـ لنناقش الاقتراح القائل: يجب أن تتم السيطرة الإرادية على منعكس القذف بشكل معقول…
تبقى درجة المعقول هذه أمرا شخصيا يصعب رسم حدوده و تمييز الخط الفاصل بين ما هو معقول و ما هو غير معقول.
وهل من المنطقي التحدث عن السيطرة الإرادية على منعكس لا إرادي؟ هل يمكن مثلا السيطرة على منعكس الخوف؟ كيف يمكن السيطرة على المتعة الجنسية؟ هل يجب أن نفكر بالأجازة المقبلة؟ هل على الرجل أن يمارس تمارين الاسترخاء من أجل متعته الجنسية؟؟
الخلاصة: أن تعريف القذف المبكر الذي قدمه أخصائيي علم الجنس على مر العصور يبقى تعريف غير مُرضي و يصعب تقبله و يمكن مناقشته و التشكيك به. كل هذا الجدل و التناقض يدفعنا إلى الاعتقاد بأن القذف المبكر ليس أكثر من خرافة و أسطورة.
المعالج الجنسي الذي يعتبر مريضه قاذف مبكر يتحمل مسؤولية الطلب المطروح عليه و بنفس الوقت يكون ضحيته.
عندما يقر المعالج بتشخيص القذف المبكر، يكون مسؤولا عن حالة القلق التي يخلقها عند مرضاه كما كانت حالة الاستمناء الذي سببت اقتراحات معالجته الكثير من حالات القلق Créateur d’anxiété التي تعود مسؤوليتها على المعالجين. و بنفس الوقت يبقى هؤلاء المعالجين كضحية للرجال الذين يطلبون العلاج من مشكلة لا يقتنع بها المعالج.
===> تعريف القذف المبكر حسب الرجال:
بالغالبية العظمى من الحالات التي يعتبر بها الرجال أنفسهم مصابين بالقذف المبكر، يعرفوا هذه الحالة بشكل مشابه لما عرفه أخصائيي علم الجنس كما ذكرنا أعلاه.
و يبقى هذا التعريف مختلف جدا من رجل لآخر
ـ البعض يصف أن القذف يحصل قبل الإيلاج، أو فور دخول القضيب للمهبل.
ـ البعض الآخر يعتبر نفسه قاذف باكر رغم أنه يستطيع المحافظة على الانتصاب لعدة دقائق قد تصل إلى 10 أو 15 أو ربما أكثر.
عندما لا يستطع الرجل إعطاء رقم لعدد الدقائق، سيكون همه إرضاء الشريكة. و سيعتبر الرجال أنفسهم مصابين بالقذف الباكر استنادا لرضاء الشريكة.
ولا يخلو الأمر من حالات لا يكون بها لعدد الدقائق أي دور لأن القذف قد يحدث لمجرد رؤية الشريكة، أو لمجرد التفكير بالعملية الجنسية. تصل درجة القلق بهذه إلى الحالة إلى حدودها القصوى.
يعتقد العديد من الرجال أن عدم وصول الشريكة إلى حالة الرعشة بفضل الإيلاج هو أمر يشكك بمقدرتهم على السيطرة على أنفسهم. و يصبح رضاء الشريكة بهذه الحالة نوع من التصور القسري ـ وسواس ـ يشغل بالهم.
يبحثون بهذه الحالة عن كل ما يحصل مع الرجال الآخرين، يقارنون أنفسهم مع باقي الرجل لمعرفة الفترة التي يمكن أن تعتبر طبيعية لمدة العلاقة الجنسية.
يهتمون كثيرا بمقدرة الآخرين و يبقون بحالة قلق من مقدرتهم و من نتائجهم. و لكون النساء بعصرنا تتمسك بحقها بالمتعة ستحمل الرجال مسؤوليات إضافية.
حق النساء بالتمتع تدفع بالعديد من الأزواج إلى الاستشارة و طلب المساعدة. إذ يطلب الرجال طريقة تساعدهم للسيطرة على منعكساتهم من أجل إرضاء شريكاتهم.
مع مرور الوقت يلاحظ العديد من الرجال بعد الممارسة، أو بعد الإطلاع على ما يكتب حول الجنسانية، بأن النساء تحصل على المزيد من المتعة بتحريض البظر. و يمكن للمرآة أن تداعب بظرها أما أثناء الإيلاج أو حتى بعد القذف للوصول إلى الرعشة. بهذه الحالة يتساءل الرجال عن الفائدة من الاستمرار بالإيلاج لفترة طويلة داخل المهبل، طالما أنه يوجد طرق أخرى يمكنها أن تمتع المرآة و ترضيها. يصل الرجال بهذه الحالة إلى القناعة بأن التكامل الجنسي بين الشريكين لا يمر حكما بالمهبل.
===> تعريف النساء للقذف الباكر:
يصعب على الكثير من النساء إعطاء تعريف متجانس للقذف الباكر:
ــــ بعضهم لا يجدن بسرعة الشريك أي مشكلة، و لا يرسلن المسؤولية على الرجال بغض النظر عن شعورهن بخيبة الأمل أو لا.
ــــ البعض الآخر من النساء يشتكي من القذف الباكر و يعتبرنه نوع من الحرمان أو خيبة الأمل FRUSTRATION لعدم الوصول إلى الرعشة أثناء الإيلاج. لأن العملية الجنسية بالنسبة لهن تتوقف مع القذف. و تلتقي هذه المواقف مع أراء بعض الأخصائيين بالجنس الذين يميلون لتحديد المدة اللازمة للوصول إلى الرعشة. على اعتبار أن مدة العلاقة قبل القذف لا تسمح لهن بالاكتفاء من المتعة. و لكن عندما يصلب منهن تحديد المدة اللازمة للوصول إلى المتعة يظهر الغموض بإمكانية تحديد هذه المدة سواء بعدد الدقائق أو بعدد الحركات المطلوبة. يكتفين بتعريف الرجل بأنه لا يستطيع السيطرة على نفسه. و هنا نعود إلى ما وصفه بعض أخصائيي الجنس بعدم السيطرة على المنعكسات.
ـــ بعض النساء تعرف القذف الباكر بمقدار الحرمان و خيبة الأمل التي يولدها توقف العلاقة الجنسية المهبلية بعد القذف. أو بالشعور بإنفكاك الالتحام العاطفي. يلتقي هذا مع معتقدات فرويد عندما يتحدث عن رفض الأم.
===>المرضى و المعالجين:
قد يلتقي احد المرضى مع معالج يأتيه على مزاجه. شرط التخلي عن بعض التساؤلات:
ـ لماذا يجب أن يعتبر الرجل مسئول عن متعة شريكته؟
ـ مالذي يعطي المتعة؟
ـ هل يمكن للرجل أن يعطي المتعة؟
تبقى الإجابة على هذه الأسئلة غامضة ومبهمة بعصر يعطى به الرجل أهمية كبيرة و يتحمل مسؤولية إتمام عملية الجماع الضرورية للخصوبة.
قبل أن نستبق الأمر دعونا نتفحص مختلف النظريات التي أطلقت لتفسير:
سبب القذف المبكر.
===> أسباب القذف المبكر بمعتقدات الرجال:
عندما يطرح السؤال على الرجال حول ما يعتقدون أنه سبب مشكلة القذف المبكر عندهم، وعندما نطلب منهم أن يسردوا كل ما يخطر ببالهم حول منشئ هذه المشكلة، بالغالبية العظمى من الحالات لا نحصل سوى على علامة استفهام.
يقولون:
ـ لا أملك أي فكرة، لهذا أتيتكم طالبا العون.
وعندما نتعمق بالسؤال نحصل على العديد من الأجوبة المتنوعة:
ـ البعض يشك و يشتبه بالأسباب النفسية بينما يأمل البعض الآخر أن لا يخرج الأمر عن الأسباب النفسية.
ـ البعض يرغب أن يكون السبب نفسي في حين يتخوف البعض الآخر من الأسباب النفسية.
واستنادا لمعتقداتهم الشخصية منهم من يأتي باحثا عن الدواء السحري أو عن العلاج النفساني و أحيانا الاثنين معا.
تتمسك غالبية الرجال بمعتقداتهم رغم كل المحاولات التي تحاول إثبات العكس.
هذا الأمر يشابه ما يلاحظ عن بعض الرجال الذين يعتقدون أن قضيبهم قصير. من يمتلك هذه الفكرة يعاني من الشعور بعقدة النقص. قد يتقبل هذا الرجل الحقيقة بأن طول قضيبه لا يغير شيء من متعته ولا من متعة شريكته وقد يتقبل الفكرة بأن طول قضيبه يبقى ضمن الحدود الطبيعية، ورغم كل هذا التقبل يبقى يعاني من عقدة النقص هذه. ويبقى معتقدا بأنه لا بد وأن يعثر يوما ما على ذلك المرهم السحري القادر على تطويل قضيبه ليصبح “طبيعي”.
يقول ريجان ترامبليه أنه عثر على أراء متنوعة جدا و مدهشة يطلقها الرجال الذين يعتبرون أنفسهم مصابين بالقذف السريع:
ـ يعتقد الكثير من الرجال أن السبب يعود إلى تجربتهم الجنسية الأولى.
== سيعتبر البعض الآخر حكما أن السبب هو الاستمناء.
== قلة الخبرة الجنسية قبل الزواج، أو بانعدام التثقيف الجنسي
و سيعتبر البعض الأخر أن السبب يكمن
== بالعلاقة الأولى التي كانت مع مومس.
== باستعمال الواقي الذكر
== بالخوف من الحمل
كما يذكر العديد من الرجال أسباباً مختلفة
== القذف خارج المهبل
== الأحلام المترافقة مع قذف
== قلة العلاقات الجنسية
وغالبا ما تدفع حالة القلق التي يولدها الاعتقاد بسرعة القذف للبحث عن أسباب غالبا ما تكون مدهشة، نذكر على سبيل المثال الشاب الذي كان يعتقد أن السبب يكمن بالاهتزازات التي تولدها دراجته النارية.
ولا يخلوا الأمر من التفسيرات المعتادة
= التدخين
= الكحول
= التعب، و ما يرافقه من ضعف بالمقدرة الفيزيائية.
= الحالة العصبية و النرفزة
= نقص الثقة بالنفس
= حب الاستقلال
= الأنانية
وهكذا دواليك، و نظرا لكثرة عدد الرجال الذي يعتبرون أنفسهم بأنهم يعانون من سرعة القذف، يمكن أن نربط هذه الظاهرة بأسباب عديدة دون أن نجد بأي من هذه الأسباب رابط نوعي يمكن اعتباره بشكل علمي أنه سبب سرعة القذف. و هكذا لا تخلوا هذه الأسباب عن كونها أسباب نظرية لا أساس لها.
– سبب سرعة القذف حسب أراء النساء
غالبا ما يبدو الأمر للمرآة بأن الرجل أناني كبير. و يكمن هذا بالاعتقاد أن الرجل هو المسئول عن متعة المرآة.
فمنذ علاقتها الجنسية الأولى تقول الفتاة بداخلها “أتمنى أن يكون رقيقا معي، و أن يعرف كيف يعطيني المتعة”
بينما يشعر الشاب بداخله بقلق كبير يدور حول إمكانيته بأن يعبر الفحص بنجاح.
غالبا ما تعتقد المرآة بأن الرجل ينقصه الخبرة و لا يستطيع أن يسيطر على نفسه. أو أنه أناني لا يفكر سوى بمتعه الشخصية.
يلتقي هذا التعريف مع رأي بعض المعالجين النفسانيين الذين يفترضون بأن ما يحصل هو عبارة عن رفض غير واعي للمرآة يعود إلى رفض الأم.
بعض النساء تعتقد أنهن غير محبوبات. تقول الواحدة: لو يحبني فعلا لفكر بي أكثر. وقد يذهب بها الاعتقاد إلى أن شريكها قير مخلص لها..
بينما على العكس، قد نسمع سيدة أخرى تقول أن الأمر بالنسبة لها هو أمر طبيعي. و لا تجد غرابة بأن يكون الرد المنعكس للرجل أسرع من رد المرآة. و تتقبل بهذه الحالة، دون خجل موقعها الثاني الأدنى Infériorité . و بالغالبية العظمى من الحالات، تبقى النساء غير قادرات على تحديد سبب القذف الباكر.
===> حسب أخصائيي الجنس:
تجرئ عدد قليل جدا من أخصائيي الجنس بالقول بأن سبب القذف الباكر عند عدد قليل من الرجال يعود لخلل طبي.
و تخيل البعض أسباب التهابية، أو مشاكل بالأوعية أو بالبروستات أو بالأحليل
كما تخيل البعض الآخر بأن السبب هو التهابات تناسلية.
ولكن لم يستطع أحد من أصحاب هذه النظريات أن يثبتها بأدلة علمية. و لم تنجح العلاجات المقترحة لهذه الأمراض من تخفيف مشكلة القذف الباكر.
كما تبرى البعض الآخر ليقترح بحذر أن السبب بالقذف الباكر يكمن بالمشاكل النفسانية. وبذلوا جهدا كبيرا لاكتشاف الحل المناسب دون نتيجة. من بينهم مثلا كابلان التي صرحت بعام 1979 بأن القذف المبكر هو واحد من علامات العصاب.
و قال Havelok ellis أن الايلاج دون رعشة ـ اورغازم ـ يجلب على الزوجين الخيبة و التألم. و أن هذا دليل على نقص بالنضج العاطفي عند الرجل.
اتى هذا التفسير بعصر كان ينظر به إلى الجنسانية من وجهة نظر خاصة على اعتبار أن مهمتها الأساسية هي الخصوبة. مما يدفعنا للتحفظ قبل تقديم أي اعتبار له.
كما نرى من هنا و من هناك عشرات الأمور التي يمكن اقتراحها ـ دون أي دليل علمي ـ لتفسير القذف المبكر. من هذه التفسيرات:
ـ مشاكل زوجية
ـ مشاكل عصبية
ـ نظام غذائي
ـ نقص بالوعي الذاتي للجسم…..
وغيره، من الأمور الغير مترابطة. مما يفسر المقترحات التي تتوارثها الأجيال لتخفيف هذه المشكلة.
البعض يقول بأنه ينشا من مرحلة من مراحل الطفولة المعذبة، أو من أسباب عديدة يصعب تعريفها.
بالواقع، لم يستطع أي خبير بمشاكل الجنس، حتى يومنا هذا أن يصف بشكل مُرضي و مقنع الآلية التي تقود إلى القذف الباكر. أي منها لا يتلاقى مع الأنظمة العلاجية العلمية الحديثة.
لم تنجح هذه النظريات بالإجابة على العديد من الاستفسارات الضرورية لبناء أي نظرية علاجية علمية. و نبقى بالنهاية عاجزين عن إعطاءها المصداقية الضرورية لتبنّيها.
و لم يستطع أحد أن يقترح الطريقة التي يمكنها أن تساعدنا على تجنب حصول هذه المشكلة، لأن هذه المشكلة بالواقع هي جزء لا يتجزأ من المفهوم الإنساني.
و رغم هذا تبقى مشكلة القذف المبكر تقض مضاجع الأزواج و تسبب لهم الكثير من المعاناة.
نتائج القذف المبكر:
– العوارض السلبية للقذف المبكر عند الرجال
اكبر نتيجة سلبية يشعر بها من يعتبر نفسه قاذف مبكر هو شعور الفشل الذي يغزوه ويمس برجولته. و يصل عمق هذه المشكلة بأنها تلامس شخصيته و تشككه من إمكانية اعتباره لنفسه بأنه رجل متكامل بمعنى الكلمة.
أملت علينا وراثتنا الثقافية أن نعتبر الرجل حاميا و مسئولا، ماديا و عاطفيا، عن المتعة الجنسية.
ورغم التطور الحاصل بالاعتبارات الاجتماعية لمسئولية الرجل من الناحية الاقتصادية و السياسية، ورغم أن العديد من النساء بدأت بتبوء المبادرات الجنسية، إلا أن المواقف و المعتقدات الجنسية الراسخة بالمخيلة تتطور ببطئ شديد.
و يصعب علينا أن نتقبل فشل الرجل الجنسي، و الرجل نفسه يلاقي هذا الفشل بشكل مؤلم بالمقارنة مع الفشل بالنواحي الأخرى.
و تبقى المعتقدات التي تروج بأن الرجل يتفوق على المرآة بمعرفته و مقدرته الجنسية، تبقى هذه المعتقدات راسخة بالمخيلة. و يفتقر غالبية الرجال مثلهم مثل النساء إلى التربية الجنسية.
يمكن ان نعذر المرآة بسهولة عندما لا تستطيع أن تبرر سبب الفشل الجنسي. على عكس الرجال. و كثيرا ما يرى أخصائيي الجنس بعياداتهم العديد من الشبان الذين يقصدون المشورة، حتى قبل أن يبدءوا حياتهم الجنسية و هم يشكون من خوفهم بأن يصبحوا مصابين بالقذف الباكر. هنا يمكن أن نتفهم حالة الرعب و البؤس لمن حصل عندهم هذا الأمر.
يبدوا الأمر وكأننا نتجاهل بأن الجنسانية هي أمر يتم تعليمه و يحتاج كل شخص لفترة كافية لتنمية الخبرة بالأمور الجنسية. فلا يمكن أن نعرف كل شيء عن الجنس قبل البدأ بممارسته. مثلا: لا يمكن للرجل أن يأتي إلى الدنيا و هو عارف بالطريقة التي يتم بها مداعبة الأعضاء الجنسية للمرآة. و لسوء الحظ لم يعلمه إياه احد، لا الولدين و لا المدرسة. و ربما لن يعثر على هذا بأي كتاب. و فوق هذا، غالبا ما يلتقي الشريكين بمستوى متماثل من الخبرة و المعرفة، و سيصعب على احديهما أن يعلم الآخر.
يعتقد الكثيرين أن عليهم أن ينجحوا بالاختبار من أول ليلية خوفا من أن تتركهم الشريكة او تهزئ منهم. هذه المهمة الشبه مستحيلة تدفع الشباب الغير خبير بالجنس إلى الاستشارة من اجل اكتساب المعرفة قبل البدء بالحياة الجنسية و هذا للاطمئنان كهدف أول. و لكي ينقل المعرفة إلى الشريكة كهدف ثاني و خاصة إن كانت الأفكار الخاطئة تتملك هذه المرآة فيدفعها الأمر للتصريح بأن المداعبات السطحية التي يقوم بها الرجل تجلب لها الألم بقدر ما تجلب من المتعة. هذا الاعتقاد عند المرآة يحتاج لمعرفة و خبرة كبيرة من الرجل لكي يستطيع إقناعها بالعكس.
اكتساب الشاب للخبرة سيسمح له بأن يقنعها بأن عليها هي أيضا أن تبذل مجهودا للوصول إلى المتعة كما تفعل كل النساء المتحررات من القواعد الصارمة. و بفضل هذا الجهد يمكن أن تصل إلى النشوة ـ اورغازم.
كما تأتي العديد من النساء إلى العيادات الجنسية لكي تشتكي معتقدات بأنهن على خطأ، و لا يخلوا الأمر من العديد من النساء اللواتي يعتقدن بأن المسؤولية بالقذف المبكر تقع على عاتقهن.
الهم الكبير، يقع على عاتق الرجل الذي يعتبر نفسه قاذف باكر. و أمام كل علاقة جنسية يشعر نفسه و كأنه سيمر باختبار الحقيقة. و كم من رجل عبّر عن هذا الهم بأقول متشابهة:
ـ بكل مرة أطرح على نفسي السؤال: هل سأكون على قد المسؤولية؟
ـ يتساءل كيف سيتخطى هذا الاختبار و هو يرى خيبة الأمل بعين الأخر حتى قبل أن يبدأ.
ياللخجل، يا للعار، بودي بهذه اللحظة أن أكون على بعد ملايين الكيلومترات.
ـ أشعر و كأني أحرم تلك التي أحبها من متعتها غصبا عنّي و هذا رغم كل الجهد الذي أبذله لتأخير القذف.
ـ هذا الأمر يقطع علي كل المتعة، قبل، أثناء و بعد أن أقذف.
هذا الخجل، و هذا الإزعاج، يشعر به الرجل بشكل أكبر و أكبر كلما صرفه همّ القذف الباكر عن متعته الشخصية، و كأن همّ القذف الباكر يسرق منه متعته. و قد يصل به الأمر إلى نفس الوضع الذي كانت عليه شريكته فنراه ينصرف عن متعه الجنسية و ينام حتى قبل أن يقذف.
على الرغم من أن غالبية الرجال الذين يصنفون أنفسهم كقاذفين باكرين يشعرون بالذنب بالبداية، فأن قسما كبيرا منهم سيصل بنهاية المطاف لهذه المرحلة. حتى و لو كانت السيدة راضية من العلاقة، فهذا لا يمنع بعض الرجال من الشعور بالذنب.
يقول ترامبليه أنه عندما يطرح السؤال على العديد من مرضاه سائلا: هل تحدثت عن هذه المشكلة مع شريكتك؟ يجيب العديد من الرجال بأن شريكاتهم لا تعتبرن الأمر كمشكلة و يشكك البعض بأن المرآة قالت هذا لكي تطمئنه أو لكي لا تشعره بالذنب. بهذه الحالة يطرح الرجل السؤال و عندما لا يجد التفسير، يعطي الجواب بنفسه.
عدد قليل جدا من الرجال الذين يعتبرون أنفسهم قاذفين باكرين يتقبلون هذا الأمر عندما لا تتقبله الزوجة. هذه الحالة نراها عند عدة أصناف من الرجال:
ـ فئة الرجال الذين يقرون بعلاقات جنسية عابرة، يستشيرون لمعالجة سرعة القذف عندما يقررون الارتباط الطويل الأمد. أو عندما يقعون بغرام امرأة. تشعر هذه الفئة من الرجال بالقذف الباكر قبل أن يرتبطوا فعليا بامرأة. يربطون بهذه الحالة سرعتهم مع الحالة الغرامية.
ـ تعتبر الفئة الأخرى أن القسم الرئيسي من العلاقة الجنسية قد انتهى مع الوصول إلى القذف، و لا يهمهم الباقي إما من وجهة نظر أنانية أو لاعتقادهم بأن النساء لا تصل سوى نادرا إلى الرعشة.
ـ فئة أخرى ـ أقلية ـ تعتقد بأن المتعة المتبادلة لا ترتبط حكما بالتزامن الجنسي بين القذف و الرعشة. بهذه الحالة، يأخذ الرجال كل الوقت اللازم لإمتاع الشريكة بالمداعبات و حتى تصل إلى الرعشة لكي لا ينتابها الشعور بالخذل. و من النادر أن يستشير الرجل بهذه الحالة، أو أنه عندما يستشير فذلك لسبب آخر: مثل نقص الرغبة أو غياب الرعشة عند المرآة. و غالبا ما يبدو بهذه الحالة أن غياب الرعشة سببه الأساسي هو سرعة القذف أكثر من كونه مرتبط بمشكلة عند المرآة نفسها.
و هكذا نرى أن الرجال ينقصون من قيمة أنفسهم استنادا لتفسير المشاعر الجنسية عند الشريكة. و كثيرا ما تبدأ العلاقة و تنتهي قبل أن يتفهم أحد الشريكين الآخر. و كم من رجل أعلن بأنه لم يشعر مطلقاّ بلوم شريكة جنسية و مع يبقى مقتنعا بأن لا يمكن إرضاء أي امرأة بظروف كهذه. اللوم المبهم بهذا الشكل يبقى أمر أصعب و أصعب.
الشعور بالمسؤولية و الإقلال من قيمة النفس لها نتائج وخيمة على الحياة العاطفية. و كم من شاب حرم نفسه لسنوات طويلة على أثر تجربة جنسية فاشلة. الخوف من أن يقع من جديد بموقف حرج يجرحه أو يستهزئ به، يمنعه من المخاطرة بتجربة جديدة. فنراه يهرب من كل فرصة لقاء لدرجة تجعل من يحيط به يشكك بمثليته الجنسية.
– التألم عند المرآة
السذاجة لا يمكن أن تنطبق على كل النساء لدى التعامل مع مشكلة القذف الباكر. و بشكل خاص على النساء اللواتي مررن بتجارب جنسية سابقة، سواء أكانت سلبية أو ايجابية.
قد تدفع مشكلة القذف الباكر المرآة لتأخير مشروع الزواج، أو لرفض العلاقات الجنسية بعد تجلي مظاهر السرعة الجنسية عند الرجل. و قد تحض هذه المشكلة العديد من النساء إلى دفع الرجال من أجل الاستشارة و العلاج، و لكن من النادر أن يصل الأمر لدرجة الاستهزاء.
يقول ترامبليه أنه سمع العديد من النساء، خلافا لما يمكن أن نتوقع تقول و تؤكد:
ـ “أتيت أستشير مع زوجي لأنه لا يتوقف عن الاعتقاد بأني محرومة وخائبة الأمل لكونه يحصل على متعته قبلي. و من جهتي لا أري بهذا أي ضرر وهو لا يحرمني من الوصول إلى رعشتي. وبكل الأحوال أميل لكوني بظرية أكثر من كوني مهبلية، هذا خارج عن طاقني ولا أستطيع حياله شيئاَ”
ـ بعض النساء تشعر بالرضى رغم القذف الباكر لأسباب عديدة: أما لكونهن لم يعرفن أي متعة أخرى أو لكون المتعة تأتي من المداعبات التي تسبق الجماع دون أن يأخذ الإيلاج أهمية خاصة، أو لسرورهن بالمتعة التي يصل لها الزوج. كما تفضل بعض النساء متابعة المداعبة حتى الوصول إلى الرعشة دون إيلاج.
ـ بسبب السرعة الكبيرة للشريك، يشكك العديد من النساء بمقدرتهن على الوصول إلى الرعشة. أو يملن للاعتقاد بأنهن بظريات. بينما لا يتمتع البعض الآخر، و بكل بساطة بأي ميل جنسي و لا يشعر بالرغبة، و لكن يعتقد أنه الطريق الأساسي لتغذية محبة الزوج.
ـ يعتقد بعض النساء بأنهن غير محبوبات و غير جذابات.
ـ البعض الآخر يرى نفسه يقع دوما بأحضان رجال يعانون من سرعة القذف “لا ننسى بهذه الحالة التذكير بأنه و استنادا لما يعرف به القذف الباكر، قد ينطبق هذا التعريف على 74% من الرجال.
كيف يمكن بهذه الحالة أن نلقي اللوم على أحد. بغالبية الأحوال قد لا يكتشف الرجل لوحده كل هذه الشكوك عند شريكته. و يشعر رغم ذلك بأنه منبوذ، مذنب. و يشعر بالنقص.
نتائج القذف الباكر قد تكون وخيمة على الرجل وعلى المرآة وعلى الرابطة الزوجية. وقد ينعكس الأمر على الناحية المهنية و على النشاطات و الهوايات المختلفة فيفقد الرجل ثقته بنفسه. قد يدفع القذف الباكر بالزوجين إلى الطلاق أو لمشاكل بالسلوك قد تصل لدرجة الانتحار. بالطبع هذه النهاية المتطرفة تنتج عن مشاكل نفسية أخرى مترافقة مع حالة القذف الباكر.
– التألم بالعلاقة الزوجية:
انعكاسات القذف الباكر على العلاقة الزوجية عديدة، إذ لا يخفوا دور الجنسانية بهذه العلاقة. فهي تساهم بشكل أساسي بالتعبير عن مشاعر الحب العميقة. اختلال التواصل الجنسي بين الزوجين من بداية العلاقة ستكون نتائجه وخيمة على استقرار العلاقة الزوجية على المدى البعيد و القريب.
يختلف الأزواج بمدى ارتكاسهم لهذه المشكلة:
ـ ببعض الحالات، و منذ البداية، تنقلب الرغبة إلى حرمان و إلى خيبة أمل لدى كل علاقة جنسية.
ـ و بحالات أخرى تظهر هذه المشاعر السلبية بشكل متأخر.
ـ يحاول البعض التعاون على مواجهة هذه المشكلة بينما الأخر التهرب منها.
ـ قد تدفع هذه المشكلة بعض النساء لطلب الانفصال لعدم أمكانية تحمل حياة الحرمان الجنسي رغم الرباط الغرامي الوثيق الذي ربطوه معاَ.
ـ يقع البعض الآخر بغرام شخص ثاني فاقدين بذلك فرص التفاهم مع الزوج. و قد يأخذون من القذف الباكر حجة لطلب الانفصال مخففين بذلك من الشعور بالذنب.
ـ على العكس، قد تتملك بعض الرجال فكرة أن الزوجة تطلب الانفصال بسبب القذف الباكر بحين أن الزوجة تصر على التأكيد بأن المشكلة يعود أصلها إلى غياب التفاهم بين الزوجين أو إلى انعدام فرص التواصل بينهما و عدم إمكانية بناء مشاريع المستقبل. أو حتى إلى غياب مشاعر الحب. بهذه الحالة يبقى الرجل مقتنعا بأنه لو تعلم السيطرة على منعكساته الجنسية سيستطيع الإبقاء على زوجته.
لنسعرض على سيبل المثال سيناريو ما يمكن أن يحصل:
كانا يعتقدان بالبداية أن المشكلة ستمر، على الأقل هذا ما كانت المرآة تعتقده و ما كان الرجل يتأمله.
و بحال وجود تجارب سلبية سابقة فان الرجل سيفقد الأمل و يدخل بحالة القلق. حتى ولو اظهر ثقته بنفس، فان الرعب يتملكه من الداخل. يتجنب الحديث عن المشكلة و يرفض بالتالي الحلول المطروحة. مع مرور الزمن يؤدي الحرمان المتراكم إلى انفجار الصراع بين الزوجين.
من النادر أن يتناقش الأزواج فيما بينهم حول مشاكلهم الجنسية. و يعيش كل من طرفه، بين شكوكه و آلامه محاول أن يجد الحل لمشكلته لوحده دون أن يطلب العون من شريكه. هذا الموقف ناتج عن الميراث الثقافي و العائلي الذي تناقلناه عبر العصور. فقد تعلمنا منذ نعومة أظفارنا أن لا نخرج الجنس من بحر أسرارنا. ربينا على كل شيء و لكن نقصتنا التربية الجنسية الصحيحة التي سيطر عليها الصمت التام.
يشكل القذف الباكر مثلا صريحا على هذا الانقطاع بالتوصل بين الزوجين. و غالبا ما يكون الخطاب الداخلي الذي تتردد أصدائه بالمخيلة شديد التعقيد. يذكرنا ريجان ترامبليه بمثل السيد د الذي اتاه مستشيرا و هو يقول: احب زوجتي لدرجة الجنون و لكني لا أفهم اليوم لماذا و بعد أن تجاوزت الأربعين عاما تأتي طالبة الانفصال لأنها تحب رجلا آخر. لقد كانت طوال علاقتنا تلعب دورا مطاوعا و سلبيا، لم يسبق لها أن أخذت المبادرة. صحيح أني كنت سريعا، و لكني كنت أعتقد أن هذا كان يناسبها، فهي لم تتذمر مطلقا من هذه الأمر. أتصور أنها كانت تقبل الأمر لكي تعطيني متعتي و لهذا كانت تفضل أن ينتهي الأمر بأسرع وقت. ولهذا فقد تأقلمتُ معها. و لكن البارحة و بعد 20 سنة من الزواج أخبرتني بأني لا بد و أن أكون على معرفة بسبب عدم انسجامنا الجنسي. و حملتني مسؤولية الفشل و قالت لي: لم أعد أرغب بك رغم أني لم أتغير من الناحية الفيزيائية، و لم يتبدل جسمي و لا مقدرتي. لم يزد وزني و لم يتجعد جلدي ولم يبيض شعري.أما الآن و بعد أن فكرت بالأمر، اكتشفت أن القذف الباكر هو السبب.
هذا المثل يظهر الاختلاط و الغموض الذي يربيه بعض الرجال بداخلهم حول أدوارهم الجنسية. التعقيد الظاهر يخفي خلفه المصاعب العديدة للتواصل بين الزوجين، و غالبا ما يعود الأمر لغياب نقاط العلاّم بالتربية و المعرفة الجنسية. و حتى لو حاول بعض الأزواج أن ينشئوا حوارا بينهم حول موضوع يفتقدون المعرفة حوله فأن السر سيبقى قائما.
الحب لا يحل كل المشاكل، و الحوار حول أمر يجهله الشخصين، غالبا ما يقود إلى اختلاط الأمور و زيادة التوتر بين الزوجين.
الخلاصة:
سرعة القذف مشكلة يعاني منها عدد كبير من الرجال. تعريفها يجوبه الغموض. و مختلف النظريات التي تبرت للقيام بهذه المهمة بقيت قابلة للنقض.
مصدر سرعة القذف أكثر غموضا. و لم يثبت دور أي أمر أو اختلال عضوي أو لا نفساني كسبب ذو أساس علمي يمكن أن نتبناه لمعالجة المشكلة.
الآثار التي يمكن أن تخلّفها هذه المشكلة تختلف من رجل لأخر و من امرأة لأخر. و تعاني منه العلاقات الزوجية بشكل حقيقي. أو ربما يلجأ إليه البعض الأخر لتفسير مشكلة أو خلاف عائلي له جذور أعمق مما نتصور.
تعلمنا منذ نعومة أظفارنا أن لا نخرج الجنس من بحر أسرارنا. ربينا على كل شيء و لكن نقصتنا التربية الجنسية الصحيحة التي سيطر عليها الصمت التام. معرفة أصول هذه المشكلة والحديث عنها هو نصف الحل لأن المعتقدات الخاطئة بالجنسانية تكمن خلف التعقيد الذي ستجره هذه المشكلة. يجب التصريح بالمشكلة و مناقشتها بشكل صحيح قبل أن تنهي العلاقة الزوجية.
المصادر:
Couple, sexualité et société
Réjean TREMBLAY
Sexotherapeute, docteur en science politique, responsable de formation de sexologie clinique à l’université Paul Sabatier de Toulouse.
Directeur de recherche au centre internationale de recherche et de formation en sexualité.
ريجان ترمبليه. دكتور بالعلوم الاجتماعية و السياسية. معالج جنسي. و مسئول تعليمي بعلم الجنس بجامعة تلوز الفرنسية. مدير ابحاث في مركز التعليم و الأبحاث حول الجنسانية.