ليــس الربيــع العربــي ترفا ً ولا فعلا اعتباطيا، بل حدثا فارقا ونتيجة حتمية لتراكم أعطاب بنيوية كانــت لهــا انعكاســات خطــرة علــى التنميــة، والديمقراطيــة، والعدالــة االجتماعيــة، والحريــة، والكرامــة اإلنســانية، وحقــوق الإنســان. ومــن جملــة هــذه الأعطــاب البنيويــة:
– تعملـق الأنظمـة الاسـتبدادية التـي حولـت الدولـة إلـى جهـاز فـي خدمـة مصالحهـا، فعطلـت دورهـا ومنعتهـا مـن التطـور كدولـة حديثـة ديمقراطيـة
– هشاشــة المؤسســات، وســيادة العــرف علــى حســاب القانــون، وانتهــاك الحريــات وحقــوق الإنســان، والرغبـة فـي الاحتـواء والتوحيــد القسـري للمجتمـع، وغيـاب العدالــة والكرامــة وحريـة التعبيـر.
– انتهـاء الرهـان علـى التنميـة إلـى وضـع كارثـي تجلـى فـي: مخططـات فالحيـة مشـوهة، تصنيـع مكلـف لكنــه عقيــم، بــؤس وفقــر وبطالــة دفعــت بالشــبان إلــى الهجــرة القســرية، خدمــات صحيــة هزيلــة، تعليــم ضعيـف غيـر متصـل بالتنميـة، عـدم المسـاواة وسـوء توزيـع الدخـل والثـروة الوطنيـة.
– غيـاب المجتمـع المدنـي بعـد أن ابتلعتـه الأنظمـة الاسـتبدادية عبـر مؤسسـاتها الخاصـة، فتـم تغييـب الإنسـان بوصفـه مواطنًـا لغيـاب المؤسسـات المدنيـة التـي يتحقـق مـن خلالهـا وجـوده علـى أنـه مواطـن مـن الناحيـة العمليـة. وبـدل المجتمـع المدنـي الـذي يسـمح للقـوى الاجتماعيـة بممارسـة حياتهـا السياسـية بحريـة، وبفتـح حـوار جـدي حـول قضايـا المجتمـع وحـول إمكانيـة تجـاوز العوائـق التـي تقـف فـي طريـق نهضتــه، أطلقــت األنظمــة الاســتبدادية العنــان لآلــة الدعايــة والإعــام التــي تعمــل علــى تزييــف وعــي الجماهيـر وإفقادهـا الثقـة بنفسـها.
– الانقســامات الطائفيــة والقوميــة والدينيــة، التــي أذكاهــا الاســتعمار بسياســة »فــرق تســد«، وأججتهــا الأنظمـة الاسـتبدادية التـي تعاملـت مـع الأقليـات القوميـة والدينيـة بالتعسـف والعنـف والقمـع، وبالتنكـر للحقــوق، فعمقــت بذلــك المشــكلة، وعقــدت حلهــا، وأعطتهــا طابــع المشــكلة المهــددة، علــى الــدوام، لوحــدة البلــدان بالحــروب الأهليــة أو بتصــدع الكيانــات الوطنيــة.
بيـد أن الربيـع العربـي لـم يكـن مجـرد نتيجـة آليـة لهـذه الأعطـاب البنيويـة التـي شـكلت بواعـث مؤججة له. بل كان فعلا ثوريا واعيا وساعيا إلـى تحقيـق جملـة مطالـب ظلـت مغيبة في الواقع العربي ….
———————–
اقرأ/ي التتمة بالضغط على رابط المصدر أدناه: