دعوة الى ازدراء الجلاد / زكريا تامر
قد يكون البشر الذين يعيشون على سطح الكرة الأرضية متشابهين يرون كل يوم شمساً واحدة ، ولكن البلاد التي يعيشون فيها ليست متشابهة ، وثمة بلاد خاضعة للتجويع والإذلال ولسلطة عاتية وحشية مستبدة أقوى من كل الناس العزل الذين تهيمن عليهم وتتحكم بمصائرهم ، وتسلبهم الحرية و الفرح منذ ولادتهم حتى وفاتهم، ومن الطبيعي أن يكون عالم هؤلاء الناس ليس عالماً عادياً بل هو عالم لا حدود فيه واضحة بين الليل والنهار والحقيقي والوهمي والواقع والحلم والمتخيل والحياة والموت والعقل والجنون والحماقة والبلاهة والغباوة، ولكن هؤلاء الناس القانطين العاجزين عن تغيير حياتهم حين يبدأون بقبول ما هو أسوأ مما في حياتهم تضاف إلى حياتهم قوة غامضة متحدية عصية على الهزيمة ، لها دور خفي في تبديد قنوطهم الذي يوشك أن يصبح عضواً مألوفاً من أعضاء الجسد ، فمادامت أحكام الإعدام البطيء قد صدرت عليهم ، فلا ضرورة للتهذيب والأدب الجم، وهم لن يخسروا شيئاً إذا سخروا من قاتلهم وتباروا في الضحك عليه، والجلاد الذي تواجه مشنقته وجوهاً مرحة مرحاً ليس بكاذب لن يتاح له التمتع بما يفعله.
13 تموز 2013