مؤتمرات جنيف الثمانية… والتاسع الذي لم يعقد
عقدت بين عامي 2012 و2017 ثمانية مؤتمرات في مدينة جنيف السويسرية، لبحث الوضع السوري، في ظل ظروف داخلية وخارجية متباينة، وخلال المفاوضات غير المباشرة التي جمعت وفدي المعارضة والنظام تحت رعاية الأمم المتحدة، ظهرت خلافات جوهرية بين الطرفين حالت دون حسم القضايا المطروحة للتفاوض.
وهدفت مفاوضات جنيف إلى تنفيذ القرار الدولي 2254 الذي يحدد عملية انتقال سياسي تتضمن صياغة دستور جديد لسوريا، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ونظام حكم يتسم بالشفافية ويخضع للمساءلة، بحسب المبعوث الأممي إلى سوريا “ستيفان دي ميستورا”.
وفيما يأتي لمحة مختصرة عن مؤتمرات جنيف، وأبرز ما توصلت إليه:
مؤتمر جنيف 1
في 30 حزيران 2012 اتفقت مجموعة عمل مؤلفة من (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وتركيا وجامعة الدول العربية) في جنيف على مبادئ مرحلة انتقالية، لكن الأطراف المعنية في سوريا وغيرهم اختلفوا على تفسير هذه المبادئ التي لم تشر بوضوح إلى مصير بشار الأسد الذي تطالب المعارضة برحيله.
واعتبرت واشنطن أن الاتفاق يفسح المجال أمام مرحلة “ما بعد الأسد”، في حين أكدت موسكو وبكين أن تقرير مصير الأسد يعود للسوريين، وهو الأمر الذي تتمسك به الحكومة السورية.
مؤتمر جنيف 2
في 10 شباط 2014، أشرف الوسيط الدولي السابق “الأخضر الإبراهيمي” على هذه المفاوضات التي جمعت وفدي النظام والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وانتهت في 15 من شباط عام 2014 إلى “طريق مسدود” بسبب خلافات بين الطرفين، أبرزها أن وفد النظام أصرّ على وضع قضية “الإرهاب” على رأس بنود جدول أعمال المفاوضات، بينما تمسّك وفد المعارضة بإعطاء الأولوية للبند الخاص بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات بموجب بيان مؤتمر جنيف الأول في حزيران 2012.
ولم تتمكن موسكو وواشنطن – راعيتا المفاوضات- من إحداث تقدم بعد إعلان الإبراهيمي أنهما وعدتا بالمساعدة في حلحلة الأمور بين الوفدين.
استقال الابراهيمي في 14 / 05 / 2014
مؤتمر جنيف 3
بعد أن تم الاتفاق على موعد الأول من كانون الثاني 2016 لبدء الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف، أعلنت الأمم المتحدة تأجيل الموعد إلى 29 كانون الثاني 2016، لتعلن انطلاقها رسمياً في الأول من شباط 2016 في مدينة جنيف.
ويوم 3 شباط 2016 أعلن مبعوث الأمم المتحدة “ستيفان دي ميستورا” تأجيل المفاوضات إلى 25 شباط 2016، وقال وقتها إن المفاوضات لم تفشل إنما أجلت.
وعقدت تلك المفاوضات بالتزامن مع دخول الثورة السورية عامها السادس، لكنها فشلت في النهاية بسبب خلافات بين النظام والمعارضة، أبرزها الخلافات في تنفيذ الفقرتين 12 و13 من القرار الأممي 2254، والخلاف على تشكيل المعارضة السورية وفدها المفاوض.
كما أن المعارضة السورية رفضت أن يكون للأسد أي مستقبل في سوريا الجديدة، وهي رؤية شاطرتها فيها القوى العربية والدولية الداعمة للشعب السوري.
وشهد العام 2017 أربعة مؤتمرات في جنيف بين وفدي نظام الأسد والمعارضة، حيث رفض نظام الأسد أي مبادرات حسن النية بوقف القصف أوفك الحصار أو إطلاق سراح المعتقلين وتمسكه بالحوار دون شروط ورفضه مشاركة بعض أطراف المعارضة، وقدم “دي مستورا” رؤية للمحادثات التي أسماها السلال الأربع التي رحبت بها المعارضة ورفضها نظام الأسد.
مؤتمر جنيف 4
في 23 شباط 2017 بدأت الجولة الرابعة من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في مقر المنظمة الأممية بمدينة جنيف، وانتهت يوم 3 آذار 2017، وحضرها وفدا النظام والمعارضة.
وتمكن المشاركون الذين قادهم “دي ميستورا” من التوصل إلى اتفاق على جدول أعمال يتكون من أربع “سلال”، هي:
السلة الأولى: القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.
السلة الثانية: القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر.
السلة الثالثة: كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهراً، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.
السلة الرابعة: إستراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية وبناء إجراءات للثقة المتوسطة الأمد.
ولم تشهد الجولات السابقة نقاشاً حقيقياً بشأن عملية انتقال مفترضة للسلطة في سوريا في ظل رفض النظام تطبيق بيان جنيف 1، خاصة بعد تحقيقه مكاسب ميدانية كبيرة عام 2016 في مدينة حلب وغيرها.
مؤتمر جنيف 5
في نيسان 2017 ناقشت الوفود المشاركة بالتفصيل المواضيع الأربعة الرئيسية وهي الحكم والدستور ومكافحة الإرهاب والانتخابات.
وتبادل وفدا النظام والمعارضة الاتهامات بشأن عدم تحقيق تقدم في جولة المفاوضات التي استمرت ثمانية أيام.
مؤتمر جنيف 6
انعقدت هذه الجولة في 16 أيار 2017، ودامت لمدة أربعة أيام، لكنها انتهت بحسب ما صرح “دي ميستورا” حينها دون تحقيق أي تقدم ملموس.
واقترح “دي ميستورا” إنشاء آلية تشاورية لنقاش القضايا التقنية المتعلقة بالقضايا الدستورية والقانونية، وهو اقتراح رفضته المعارضة، لكنها أرسلت وفداً شارك بجولتي نقاش حول المسائل التقنية بعد انتهاء الجولة السادسة.
مؤتمر جنيف 7
في 9 تموز2017 انعقدت الجولة السابعة التي استمرت لمدة ستة أيام دون تحقيق أي تقدم على ما يعرف بالسلال الأربع التي تشكل جدول الأعمال الرئيسي للمفاوضات، وطالب المبعوث الدولي المعارضة السورية بتوحيد وفودها كشرط رئيسي لعقد جولات جديدة من المفاوضات، كما حاول الروس خلال هذه الجولة الالتفاف والتهرب من مخرجات جنيف 1 الذي تحدث عن هيئة حكم انتقالي وهو ما يعني انتهاء دور الأسد في مستقبل سوريا.
مؤتمر جنيف 8
في 28 تشرين الثاني 2017، اعتبر المبعوث الأممي أن هذه الجولة التي استمرت حتى 16 كانون الأول كانت فرصة ذهبية ضائعة، حيث لم ينجح في عقد أي لقاءات مباشرة بين الطرفين المتفاوضين، وحمّل روسيا والنظام المسؤولية عن عدم الانخراط بجدية في المفاوضات.
وفي المقابل أصرت المعارضة على اعتبار أن مسألة الانتقال السياسي وتشكيل حكم انتقالي يشكلان أولوية بالنسبة لها، الأمر الذي اعتبره وفد النظام شرطاً مسبقاً يمنعه من قبول التفاوض.
مؤتمر فيينا 9
في 25 كانون الثاني 2018 عقدت الجولة التاسعة من المحادثات السورية برعاية الأمم المتحدة بفيينا يومي 25 و26 كانون الثاني، التقى خلالها المبعوث الأممي وفدي النظام السوري والمعارضة، وقدمت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن والسعودية للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “دي ميستورا” مقترحاً بعنوان “ورقة غير رسمية”، تهدف إلى إحياء العملية السياسية في جنيف بشأن سوريا استناداً للقرار 2254 غير أن نظام الأسد رفض المقترح.
ولم تنعقد هذه الجولة كما الجولات الثماني السابقة في جنيف لأسباب لوجستية، وجاءت قبل أيام من مؤتمر الحوار السوري في منتجع سوتشي الروسي.