ازدواجية الانتماء وحتمية الخيانة.. الطابور الخامس ! / د. ممدوح بيطار
طرأت على مفهوم الدولة في العصر الحديث تغيرات كثيرة , منها اعتبار الجغرافيا أساسا لتكوين الدولة ولانتماء المواطن لهذه الدولة , لم يعد للديمغرافيا أهمية تذكر , فالسوري هو من يحمل الأوراق الثبوتية السورية , وكل انسان يمكنه أن يصبح سوريا بغض النظر عن دينه واثنيته وعنصره , بعد اقامة لعدة سنوات في سوريا , يمكن للمقيم أن يصبح سوريا , أي أن يحصل على الأوراق الثبوتية , التي تؤكد سوريته , اضافة الى ذلك يتطلب الأمر موقفا أخلاقيا انتمائيا لسوريا , الانتماء الأول هو لسوريا السياسية , وبعد الانتماء الأول يأتي الانتماء الثانوي الاجتماعي الشخصي كالانتماء لدين معين او لقومية معينة او لاثنية معينة , على مستوى الدولة لاوجود الا للانتماء السوري .
الجنسية هي الشكل القانوني للانتماء , وهذا الشكل القانوني هو جزء من المواطنة السورية , التي تتضمن أجزاء أخرى يحددها القانون الوضعي , أكثرية دول العالم لاتقبل ازدواج الجنسية , الازدواج مسموح به في سوريا بسبب وجود مايقدر ب ٢٥ مليون سوري في الخارج , ولهؤلاء تأثير مادي كبير على البلاد , وما يقدموه رسميا بالقطع النادر يتجاوز تقديرا ٢٥٪ من الميزانية العامة , السماح لازدواجية التجنس لايلغي اولية الانتماء السوري من وجهة نظر الدولة السورية , ألأمر مختلف بالنسبة للدولة الأخرى ,سوف لن تعطى الجنسية الألمانية لسوري يقف الى جانب سوريا في حالة نزاع بين ألمانيا وسوريا , والتجنس بالجنسية الألمانية ألغى سابقا الجنسية الأم ,نفس الشيئ بالنسبة لفرنسا وأمريكا وباق دول الاغتراب السوري , عمليا لم تكن هناك ضرورة واحدة خلال عشرات السنين للاجابة على السؤال التالي , ان وقعت حرب بين سوريا ودولة الانتماء الأخرى , فعلى أي جانب ستحارب أيها السوري مزدوج الجنسية ؟؟
نلاحظ وجود انتماء أولي آخر لبعض سكان سورية من حاملي الجنسية السورية ,على سبيل المثال ذوي الانتماء العروبي أو العثماني الأولي , فما هو موقف هؤلاء عند نشوب أزمة ولنقل تشاؤما حالة حربية بين سوريا ودولة الانتماء الأخرى كتركيا (خليفة الخلافة العثمانية) ؟, المدهش والمؤلم كانت المفاجأة التي لم أتوقعها , اذ وقف هؤلاء ونعرفهم بالاسم الى جانب تركيا باحتلالها لأجزاء من الأرض السورية , وعلى أي جانب سيقف العروبيون في حالة حرب بين سوريا وبلدان عربية أخرى ؟ , , على أي جانب سيقف الشيعي أو العلوي السوري والعروبي في آن واحد في حالة حرب بين العراق وايران , ألم تقف سوريا حكومة وجيشا الى جانب ايران في نزاعها مع العراق ؟ , حتى المذهب تقدم على العروبة في هذه الحالة , وما هو موقف بعض السنة في حالة حرب بين سوريا والسعودية ؟؟؟ .
لايخضع الجواب هنا الى التنجيم , الجواب واضح ومقروء على تصرفات الاسلاميين , الذين يروجون لصحة الاحتلال البدوي لبلاد الشام , لا يجوز القول بأنه كان لهذا الترويج سياقه التاريخي الذي لم يعد موجودا , فخبرات الحاضر تقول بأن الانتماء الاسلامي لهؤلاء يتقدم على الانتماء الوطني السوري , الاسلام أولا وسوريا آخر !.
كل ذلك يبرهن عن وجود الكثير من الاختلاطات لقضية ازدواج الانتماء , خاصة عن توازي الانتماء للاسلام مع الانتماء لسوريا أو حتى تقدم الانتماء الاسلامي على الانتماء السوري , ذات الاختلاطات يمكن توقعها في حال تقدم الانتماء العروبي على الانتماء السوري , بالنتيجة يمثل الانتماء العروبي او الاسلامي الأولي حالة الطابور الخامس , لا يجوز لسوري أن يكون طابورا خامسا, وحالة الطابور الخامس تنفي تلقائيا حالة المواطنة السورية , وتعني عمليا استقالة الشخص الملتحق بالطابور الخامس تلقائيا من المواطنة السورية , وبالتالي اعتباره غريب وعدو أو حتى خائن , وما العمل مع الأعداء والخونة ؟؟
تذكير هؤلاء ,بأن المواطنة السورية لا تتطلب فقط حيازة الأوراق الثبوتية , وانما الانتماء الوجداني لسوريا والولاء العملي لها , والوقوف بوجه من يعتدي عليها جغرافيا وديموغرافيا , هذه ليست شوفينية !!, انما محاولة وضع الأمور في مكانها الذي تعود اليه ,انه الحرص المشروع على نقاء الجو السوري الوطني من المحتالين والمنتحلين للهوية السورية , لاتستقيم المواطنة السورية مع انتماء أولي آخر لاي جهة خارج سوريا .
———–
رابط المفال أدناه: