الوطن

الصراع على السلطة في سوريا / نيكولاس فان دام، تقديم عبد الرحمن خليل

يبتدئ كاتب “الصراع على السلطة في سوريا: الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة، لمؤلفه نيكولاس فان دام” في المقدمة بلمحة سريعة عن الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في سوريا..وكما يتبين من العنوان فإن ثلاثية الطائفية والاقليمية والعشائرية كان لها الدور الاكبر في التمايزات والصراع على السلطة في سوريا وبشكل خاص بين أبناء المدن والطبقة البرجوازية الاقطاعية السنية وبين ابناء الريف بما فيهم الاقليات “المتماسكة ” حسب وجهة نظره (العلويين والاسماعليين والدروز) وعلاقات الاستغلال والاضطهاد والتمييز ضد سكان الريف بشكل عام والاقليات بالاخص.
في الفصل الاول يرجع طهور الاقليات في الجيش لعدة عوامل أهمها الاستعمار الفرنسي واعتماده الشديد عالاقليات لضعف نزعة الاستقلال عندها واستخدامها في قمع الاكثرية السنية والعامل الثاني هو الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتدني للريف -الاقليات واعتبار دخول الجيش هو الوسيلة الاسرع للارتقاء في السلم الاجتماعي الاقتصادي الامر الذي كان يأنفه أهل المدن السنة، بالاضافة لكون الاحزاب اليسارية ومنها حزب البعث ودعواها الاشتراكية وحقوق الفلاحين التي اكتسبت انصارا كثيرين داخل الاقليات بينما كانت الاحزاب التقليدية داخل المدن تمثل الطبقات الاقليمية البرجوازية (الدمشقية والحلبية)
في الفصل الثاني يوضح مظاهر الاستقطاب والصراع داخل الجيش الذي أخذ شكلا طائفيا بخاصة بعد انقلاب البعث عام1963 بعد ان كان الضباط السنة لهم كلمة والسيطرة داخل الجيش لكن الكاتب يرجع صعود الاقليات داخله بالانهاك الناجم عن الصراع والانقلابات المتتالية بين الضباط السنة أنفسهم وقد تجلى ذلك في حركة تسريح الضباط بعد 8 آذار وتوجس كثير من السنة (الغالبية العظمى من المسرحين) بالاضافة الى تبلور صراع جديد داخل الحزب نفسه بين كتلة أمين الحافظ ومن دعمه من سنة حوران ودير الزور و كتلة صلاح جديد المدعومة بقوة من الضباط العلويين والتي استلمت زمام الامور فيما بعد بانقلاب شباط 1966
ويبيين الكاتب مقارقة مثيرة للجدل ايام وصول البعث للسلطة…فالحاجة الى كوادر مدنية عسكرية لاحكام السيطرة على مفاصل الدولة (عدد أعضاء الحزب وقت الانقلاب لا يزيد عن 400 عضو))دفع بالحزب الا تنسيب أعداد كبيرة للحزب و ادخالهم الى مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بشكل ساهم فيه العامل الطائفي العشائري الاقليمي (حيث كان معظم المنتسبين الجدد من أقارب ومعارف الاعضاء الحاليين وقتها)
وفي نفس الوقت فإن الحديث الطائفي الصريح كان موضع شبهة وتجريم لصاحيه حتى لو كان بعثيا متنفذا كما في حالة محمد عمران الذي كان احد أسباب ابعاده هو سلوكه و ممارسته الطائفية ضمن اللواء 75 الذي كان مسؤولا عنه
الفصل الثالث ويتحدث فيه عن تصفية وجود الاقليات الاخرى ضمن التشكيلات البعثية من دروز (انقلاب سليم حاطوم الفاشل) وتسريح الضباط الحوارنة السنة فخلت الساحة البعثية العسكرية من المنافسين من خارج الطئفة العلوية
وبعد الصراع داخل الطائفة العلوية على السلطة الذي انتهى بانتصار حافظ الاسد يتحدث الكاتب عن بنية السلطة أي حزب البعث الذي أحدث نقلة هائلة في حياة الريف وتمثيله السياسي بعد ان كانت السلطة متركزة في أبناء الطبقة البرجوازية المدينية في المدن الكبرى ويوضح بالنسب من خلال محاضر الاجتماعات الحزبية انخراط فثات وطوائف و أقاليم سوريا ضمن الحزب ابتداء من تمثيل عالي بنسبة 20% للعلويين داخل الحزب (خاضة منطقة اللاذقية التي كان لها نصيب الاسد) ثم الدروز 17% ثم الحوارنة والديرية 13%، 11% على التوالي في مقابل عزوف أهالي المدن عن الانضمام للحزب، بالاضافة الى ماعاناه الحزب من مشاكل وعقبات ناجمة عن تباين التمثيل الوطني داخله من ضعف اداري وتسيب واهمال وغلبة المصالح الضيقة الطائفية والعشائرية على الانتماء والمبادئ الحزبية من خلال المحاضر سابقة الذكر.
في الفصلين السابع والثامن يتحدث الكاتب عن أثر هذه العوامل في فساد السلطة و انتشار المحسوبيات والرشوة بالاضافة للنزعة الطائفية التتي اعتبرها معارضوا النظام سياسة موجهة ومقصودة بغرض استدامة التسلط والفساد الذي استشرى مع فشل محاولات مكافحة الفساد التي أطلقها النظام نفسه (حافظ الاسد) بسبب الاشكالية المتعلقة بكون معظم رموز الفساد من ركائز وجعائم استمراية السلطة بالاضافة الى غياب الثقة بين الغالبية السنية و النخبة العلوية الحاكمة التي طالما كانت موضع شك و ازدراء و تكفير مع عوامل التحريض الخارجي من الدول المناوئة للبعث في سوريا كالعراق ومصر السادات وتشجيعها لحركة الاخوان المسلمين ضد النظام فكانت الاغتيالات المتتالية لموز وشخصيات علوية وصلت ذروتها الى حادثة المدفعية التي نقلت الصراع الى مرحلة جديدة أشد عنفا ودموية انتهت بمجزرة حماة التي يوضح فيها الكاتب استناد النظام الى الوحدات العسكرية الاكثر ولاء من العلويين المقربين للاسد وعشيرته في حملة القمع الدموية تحسبا لاي محاولة عصيان او تمرد ناجمة عن وحشية القمع
في الفصل التاسع يشرح الكاتب وضع النخبة السياسية في عهد حافظ الاسد حيث ان السلطة الفعلية منذ انقلاب البعث في يد الضباط داخل قيادة الحزب القطرية ذوي الولاء للاسد ومعظمهم من العلويين الذين استمروا أكثر من عقدين في مناصبهم مما دل على استمارارية النظام واستقراره مع وضع واجهات سنية في مناصب رفيعة داخل الجيش لكن دون سلطة حقيقية وهي سياسة متبعة منذ عهد البعث الاول لارضاء الاكثرية
ومع ترهل الحزب و عوامل الخلل والقصور الجلية ضعف التركيز عليه مقابل التركيز على شخصية الاسد بحد ذاتها كبديل عن ايديواوجيا البعث المتنخرة أصلا
في ختام الكتاب يستنتج المؤلف ان تطور الوضع الدولي والاقتصادي والاجتماعي يستوجب تغييرا ضمن النظام في سوريا خاصة مع مشروع التوريث مع بشار بعد موت باسل الابن البكر للأسد ولكن خوف النخبة العلوية من فقدان امتيازاتها الهائلة في ظل نظام البعث و الخوف من الانتقام من الغالبية السنية لسنوات القمع الطويلة يجعل من توسيع قاعدة الحكم في النظام او الانتقال نحو الديمقراطية بالطرق السلمية أمرا مستبعدا.
———-
أدناه رابط لتحميل الكتاب بصيغة PDF

المصدر
مكتبة نور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى