حوارات وآراء

جدلية شعار “الأسد أو نحرق البلد”! او ” نحرق البلد ان بقي الأسد”!

كتبت ميرا البيطار :
اني مفتتة جدا بشعار الأسد أو نحرق البلد ,وما يقابله من شعار نحرق البلد ان بقي الأسد , ذلك لأن هذه الشعارات ضربت أرقاما قياسية في العديد من المعايير , فلو أخذنا معيار الوقاحة , لوجدنا انه لا منازع لها في الوقاحة, شعارات احتكرت أيضا الصراحة والوضوح , أما الحيوانية فلا أظن على انه توجد أي قامة حيوانية تعلو قامة شعار الأسد أو نحرق البلد , او شعار نحرق البلد ان بقي السد , وعن دقة التنفيذ والتطابق بين القول والفعل فالأمر مذهل , هناك تناسب طردي بين خراب البلد وقوة وامتداد هذه الشعارات , الشعارات تتبنى منطق الحيونة السورية , اما سوريا الأسد او سوريا تاجر الدين !
لست هنا في سياق تحليل هذه الشعارات , وانما في البحث عن علاقة الشعارات بالمجازر أبويا , فالشعارات هي أب وأم المجازر , حرق البلد من أجل الأسد أو من أجل محمد لايتم كعملية عينية ليزرية بدون دماء , سيول الدماء في سياق تطبيق هذا الشعارات أمر مفروغ منه , ومن يعتمد شعارات حيوانية بائسة كالشعارات التي ذكرت , انما يقولها صراحة ..هناك مجزرة كبرى , أنا أبوها وأمها ..أم المجازر ومن أجل ذلك هناك أم المعارك.
أعجب من الذين يتحدثون في سوريا عن المجازر بصيغة المفرد , تارة مجزرة خان العسل وتارة مجزرة بابا عمرو أو الخالدية أو الزهراء او جبل سنجار أو مدرسة المدفعية او حماه او تدمر …الخ , أظن على أن هناك نوع من “المؤامرة “ على المجزرة , يريدون تفتيتها وتجزأتها وتقسيمها لتسهيل بلعها , فالمجزرة هي مجزرة واحدة , انها استحقاق وانجاز أسدي ، اصولي , استحقاق يجد تطبيقا له هنا وهناك تحت أسماء مختلفة , ففي قرية البيضاء جرت عملية “تنظيف” للقرية , وهناك من يسمي ذلك “تأديب ” للقرية , اذ لالزوم لأي عملية تنظيف أخرى في البيضاء مستقبلا , لاحاجة للتنظيف عند عدم وجود بشر , لا توجد أقذار !!!!! ,لا حاجة للتنظيف , والأمر مشابه في الخالدية وفي بابا عمرو , ولا أخفيكم سرا ان قلت على أن الأسدية والفصائلية المعروفة “بنظافتها” , هي المكلفة بالتنظيف .. وهي جديرة بهذه المهمة !, وقد نظفت العديد من مناطق البلاد من سكانها , سويت الخالدية بالأرض وأصبحت “نظيفة” , وهكذا سيكون حال المناطق الأخرى , والآن يجري تنظيف درعا , فمن يريد أن لا يبقى حجرا على حجر في سوريا , عليه بمناصرة العلمانية الأسدية , او الفصائلية المسلحة…. والى الأبد !.
المجزرة بناء عقلية واحدة , ليس مهم اطلاقا من ينفذها وكيف ينفذها , ففي الزهراء الحبيبة على قلب الرئيس خزن الأسد مفرقعاته بين بيوت المواطنين , أتت القذيفة وفجرت كل شيئ , ثم بدأ السوريون بتعداد شهدائهم …مئات من الشهداء في الزهراء , ومئات من الفطائس في الخالدية , والآخرون يستعملون المفردات بشكل معاكس …هناك مئات من الشهداء في الخالدية ومئات من الفطائس في الزهراء ..المهم لا توجد خالدية بعد الآن ولا توجد الزهراء , وكل ذلك يمكن ربطه بشعار ضرورة حرق البلد ان بقي الأسد او رحل , لولا تطبيقات هذا الشعارات لبقيت الخالدية وبقي بابا عمرو والزهراء وخان العسل ونبل وحي الورور … شعارات لاتميز بين العدو والصديق ..شعارات وكأن بها يتحقق نوعا من عدالة المجازر بين البشر.
انها مجزرة واحدة , يرتكبها طرفان وشريكان , ومهما تعددت مواطن ارتكابها واختلفت انتمآت ضحاياها وتنوعت أساليبها , انها واحدة ومرتكبها هو الوحش السوري , وما أجرم الوحش الأسدي بحق أحد أكثر من اجرامه بحق الطائفة التي يدعي حمايتها ويرغمها على حمايته والموت من أجله , لقد أدخل الطائفة في متاهات اللعبة الطائفية القذرة , وما جنت الطائفة من هذه اللعبة الا القتلى والعداء التاريخي للطوائف الأخرى , وبالنتيجة حرق الأسد وشركائه من الفصائليين البلد بشرا وحجرا ..مؤيدا ومعارضا , انها مجزرة مستمرة منذ نصف قرن ,الأسدية قتلت كل شيء , الأخلاق ..العدالة ..الحقيقة ..المواطنية ..الحرية ..السياسة ..الأحزاب وأولهم البعث , نشرت الفساد الأسطوري وخربت مؤسسات الدولة , وبالتالي انهت وجود الدولة , وحولت هذه الدولة الى مزرعة ووكر للمجرمين والعصابات , وأكثر العصابات مهنية اجرامية هي عصاباته , وعصابات شركائه من الفصائليين
المجزرة واحدة ومستمرة وان تعددت مظاهرها , اليس القضاء على الحرية مجزرة ؟ وهل مقتل انسان في السجن تحت التعذيب ليس مجزرة؟ أو حرق انسان في القفص , وماذا عن سجون الأسد, التي تطرح يوميا مئة قتيل تحت التعذيب , وماذا عن الفصائل والذبح ….كل ذلك ممثل لاستمرارية تراث محشو بالعنف والاجرام, ومنذ قرون…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى