الوطن

اختلفوا حول “وحدة الهدف” فأشار إليها النظام!/ أنور يونان

1 – حضرت مساء البارحة ( الاثنين 6 أيلول) ندوة حوارية تحت عنوان (( وحدة الهدف سبيلنا للشراكة الثورية )) للمرة الثالثة، دعت لها “الكتلة الوطنية الجامعة في سورية” برعاية التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني التالية :اتحاد الكتاب والأدباء السوريين الأحرار، الجيش السوري الحر، تجمع سورية الثورة، حركة بناء سورية الحرة، منظمة بلا قيود، حزب نور سورية، اللجنة الثورية لمحافظة حلب، تنسيقية حرائر سورية، الهيئة السياسية لمحافظة الرقة، الهيئة السياسية لمدينة حماة، حزب الاستقلال السوري، الرابطة الخدمية للسوريين في قونيا وتركيا، المنتدى الاجتماعي السوري، حركة أحرار الشعب السوري، منظمة حماية حقوق الإنسان السورية في تركيا، الحاضنة الشعبية لثورة الحرية والكرامة، مجلس القبائل الأعلى ومجلس السوريين الوطنيين الأحرار.
بغض النظر عن صحة تمثيل الحاضرين للكثير أو القليل من السوريين، لم تشهد الندوة حوارا بين المشاركين فيها. كانت أشبه بمهرجان خطابي اعتلى فيه الخطباء المنصة لا للبحث في “وحدة الهدف” المنشودة بل للتصريح عن “أهدافهم” من الاشتراك في الندوة. انتهت باعتراف رئيس الكتلة الداعية بالقول إن “الثائرين” الخمسين المشاركين في الندوة لم يتفقوا على “وحدة الهدف”، لذا لا بد من عقد ندوة رابعة … علّ وعسى !!

2 –
أغلب الظن أن عشر سنوات ونصف، سبقتها أربعون سنة من العيش في “سوريا الأسد”، لم تكن كافية ليتفق “الثوار”على “وحدة الهدف”!.. هل فقدوا الذاكرة فلم يعودوا قادرين على معرفة الأسباب التي قادت إلى الثورة َ!؟.. أم أن اللهاث خلف “الغنائم”، وقد لاحت في الأفق بوادر حل سياسي مع بقاء نظام الاستبداد لفترة غير مرئية، هو الذي فرق جمعهم حول الهدف الذي ضحى من أجله مئات آلاف الشهداء والمشردين الفقراء !؟..
هل نسى هؤلاء، أم تناسوا، أن الشعب السوري عانى طيلة أربعة عقود من نظام حكم عائلي مستبد مارس أبشع أساليب القمع الممنهج ضد المواطنين. اغتال جميع الحريات والحقوق. كمم الأفواه واعتقل وشرد مئات الآلاف من المعارضين، محولا سوريا إلى سجن مرعب لمواطنيها. فسادت ثقافة الخوف، وتكونت حول شخص الديكتاتور والعائلة الحاكمة مافيات أمنية / اقتصادية متوحشة لا ترعى حرمة للأخلاق والقانون، أحكمت قبضتها على جميع مفاصل الدولة وسخرتها لسرقة المال العام وعمل المواطن وثروات الوطن!؟

هل نسي هؤلاء، أم تناسوا، انتشار الفقر وتوسيع دائرته لتشمل في العام 2010 الذي سبق الثورة ما يزيد عن 50 % من الشعب السوري بشهادة عشرات القرى المهجورة في معظم الأرياف السورية، وانتشار البطالة وقلة فرص العمل للقادمين الجدد على سوق العمل. (تشير البيانات الرسمية للدولة إن معدلات البطالة في العام 2010 كانت 24%. وترتفع لتبلغ 39% في محافظة الحسكة وتزيد عن 35% بين الشباب من الفئة العمرية 19 -24 سنة. وقد بلغت نسبة الراغبين بالهجرة من تلك الفئة 43,2%.)
هل تسي هؤلاء، أم تناسوا، صعود طبقة جديدة من حيتان المال والأعمال مؤلفة من أفراد ومقربين من العائلة الحاكمة وضباط من الجيش والمخابرات شاركوا التجار والصناعيين ورجال الأعمال، وأن هذه الطبقة قامت بتحويل معظم ما نهبته، ويتجاوز حينها 200 مليار دولار، إلى خارج البلاد !؟ وأن التدمير المستمر والممنهج لشرائح الطبقة الوسطى، تسبب باندثارها وانحدارها السريع إلى الطبقة الفقيرة ليفقد المجتمع لعنصري التحدي والإبداع المحركين لهذه الطبقة والحاملين الأساسيين لتطور المجتمعات. وانتشار الفساد في الدولة والمجتمع (صنفت منظمة الشفافية الدولية سوريا في تقريرها السنوي لعام 2010 في ترتيب متقدم بين أكثر دول العالم فسادا وتراجعا في الشفافية المالية والاقتصادية). وذكر التقرير انتشار الفساد على نطاق واسع في سوريا وتحوله من مشكلة سطحية إلى وباء مزمن يهدد اقتصاد الدولة بتغلغله في أحشاء كل مؤسسات ودوائر الدولة من الجمارك والشرطة وقطاعات رخص البناء والتهرب الضريبي وصولا إلى شركات القطاع العام وسلك القضاء.
هل نسي هؤلاء، أم تناسوا انهيار الدولة كمؤسسة رافعة لتطور المجتمع وعجزها عن القيام بدورها كحامية للعيش الكريم. وتحولها إلى مجرد سلطة مافيوية همها الأول والأخير تكديس الثروات!؟… تجلى ذلك بصورة خاصة في المأساة التي عاشها أكثر من 650 ألف طفل سوري، لم يتجاوزوا الخامسة عشر، كانوا يمارسون في الشوارع والأقبية المظلمة أقسى الأعمال وأذلها والتي تبدأ من العمل الشاق في ورش الحدادة، إلى غسيل السيارات وبيع السجائر والمخدرات في الشوارع …إلى ممارسة الدعارة!!

3 –
لا جديد فيما ذكرته أعلاه . هو في ذاكرة ووجدان كل سوري رفع الصوت مطالبا باسقاط نظام المافيات الأسدية لينال الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. الجديد هو أن هذا النظام، بعد أن صار جزء عضويا من الاستعمار الخارجي فاستحال عليه العيش خارج ملته، هو الذي يشير لـ”وحدة الهدف”؛ تحرير سوريا من المستعمر كائنا ما يكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى