مليون ليرة، قسط لروضة أطفال/ نبذة عن تكاليف التعليم في مناطق سيطرة النظام
تكبد الخمسيني “أبو حيدر” القاطن في حي المزة 86 بالعاصمة دمشق مبلغاً كبيراً أثناء تأمين المستلزمات المدرسية لأبنائه الثلاثة، حيث يدرس الأكبر منهم في التعليم الجامعي، والأوسط في التعليم الإعدادي، والأصغر في الروضة.
صدمةً كبيرة يعيشها قاطنو المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد جراء لهيب تكاليف الاحتياجات الأساسية للمعيشة، يُفاقمها أسعار المستلزمات المدرسية للموسم الدراسي الحالي “2021 – 2022” بالتزامن مع فقدان فرص العمل وانعدام الموارد وتدني القدرة الشرائية.
مليون ليرة سورية قدمها “أبو حيدر” إلى إحدى رياض الأطفال لقاء تسجيل طفله الصغير فيها، ما يُعادل 285 دولار أمريكي وفقاً لسعر صرف الليرة السورية البالغ حالياً نحو 3500 ليرة مقابل الدولار الواحد.
تتضمن التكلفة اللباس المخصص للطفل وبعض القرطاسية المتواضعة، فيما تبقى أجور النقل على عاتق الأهالي، ومن حسن حظ محدثنا أنه يقطن بجوار إحدى رياض الاطفال البسيطة، وإلا لكانت الأجور مضاعفةً أكثر.
تُعتبر رياض الأطفال من أهم المراحل كونها أولى خطوات تعليم الطفل، وتُساعد في التهيئة للمدرسة، وتُطور مهاراته الحركية والعقلية وتُنميها، فضلاً عن أنها فرصته الأولى للعمل بروح الفريق والتعاون مع أقرانه والاندماج معهم خارج إطار الأسرة والمنزل، لكن عزف الكثير من الأهالي عن تسجيل أطفالهم فيها بسبب الأجور المرتفعة، وعجزهم عن تأمين أبسط مقومات الحياة الأساسية.
وكلما كانت المرحلة الدراسية أعلى، كلما كانت التكلفة المادية أكبر، يقول “أبو حيدر” أن تكاليف مستلزمات طفله الطالب في المرحلة الابتدائية بلغت 300 ألف ليرة سورية، حيث تتنوع بين اللباس المدرسي المؤلف من قميص وبنطال، وحقيبة، وحذاء، ودفاتر مختلفة لا يقل عددها عن 10، وأقلام متنوعة، وعبوة ألوان، وأدوات هندسية، وغيرها.
يُؤكد محدثنا أنه تمكن من شراء تلك المستلزمات بسعرها المذكور من الأسواق الشعبية، واصفاً إياها بـ “الأسعار المقبولة” مُقارنةً مع تكاليفها في الأسواق التجارية الكبيرة والشهيرة التي تتضاعف فيها الأسعار بشكل لا يُوصف، مُشيراً بأنها في السعر الأدنى كونها من الجودة الرديئة.
وحول ابنه الشاب الذي انتقل من التعليم الثانوي إلى الجامعي بصعوبة بالغة كونه كان مضطراً للعمل أثناء فترة الدراسة والامتحانات، فلم يتمكن من التسجيل في كلية الحقوق التي كان يحلم بها منذ سنوات، ما أجبره إلى اللجوء للتعليم الخاص، حيث تكبد مبلغ 7 مليون ليرة سورية لقاء التسجيل في كلية إدارة الأعمال.
وصلت تكلفة رسوم التسجيل في الجامعات الخاصة إلى 42 مليون سورية بعد أن سجلت قفزةً كبيرة مقارنة بالموسم الماضي بنسبة تتراوح ما بين 50 و75%.
لا تقف المصاريف عند هذا الحد، حيث يحتاج الطالب إلى قرطاسية بشكل دوري، وهي أيضاً ليست سهلة المنال، وقد تصل إلى 100 ألف ليرة في حدودها الدنيا.
ويشير “أبو حيدر” أن وضعه المادي الجيد ساعده نسبياً في تأمين مستلزمات أبناءه، لكن أكثر العائلات لا تستطيع ذلك، لا سيّما وأن راتب الموظف في القطاع العام لا يتجاوز 70 ألف ليرة شهرياً، والعامل في القطاع الخاص 100 ألف ليرة شهرياً، لا أكثر.
يُذكر أن تقارير صحفية عديدة أكدت هبوط المستوى التعليمي في سوريا خلال السنوات الأخيرة، بدءاً من رياض الأطفال وصولاً إلى التعليم العالي، كما تشهد مناطق سيطرة نظام الأسد موجة هجرة غير مسبوقة من الشباب والطلاب والكفاءات.