من الطبيعي الى اللاطبيعي في تردي المجتمع السوري!.. / نيسرين عبود
كل ماحصل عليه الشعب في جمهوريتنا الحبيبة هو هبة ! ليس من الخالق , وانما من القائد … ماعدا الهواء , فهو من السماء , أما المطر والماء فهو من صنع القيادة السياسية الحكيمة بالاشتراك مع القيادة الروحية البوطية- الحسونية المقدسة الملهمة , فرزمة القوانين الاصلاحية قبل سنوات تضمنت فرمانا رئاسيا بخصوص “الاستسقاء” , وبفعل صلوات البوطي آنذاك , قدس الله سره , وفرمان الرئيس , أطال الله عمره, أمطرت خيرا وبرا , وذلك بعد فترة قصيرة من تكشير الخالق عن انيابه بسبب غضبه من موبقات “ماملكت ايمانكم” ..الله غفور صبور ومسامح !
لا يستطيع الانسان السوري رصد الا شيئا أساسيا واحدا , هو مايسمى “التردي” , أي ان كافة معالم الحياة “تتردى” في هذا الوطن , وذلك بالرغم من القيادة الحكيمة , وبالرغم من صلوات االبوطي سابقا ولعشرات السنين , وهل للانسان السوري اعتبار ذلك تطورا “طبيعيا” ؟, هل من “طبيعة” المجتمع السوري أن يتأخر ويتردى مقارنة بالمجتمعات الأخرى ؟؟
من يحاول الاجابة على هذا السؤال بجدية ينتابه الشك بحكمة القيادة السياسية والروحية , ذلك لأن التطور التراجعي التأخري التقهقري ليس من طبيعة البشر , ولو كان من طبيعة البشر , لانقرضت البشرية , كما ينقرض الآن المجتمع السوري تدريجيا , ويفقد ملامح الدولة واحدة تلو الأخرى.
من يستغرب الحال الذي وصل اليه الوطن يطرح السؤال: ماذا كان أن يحدث لسوريا والمجتمع السوري ,لو تمكن هذا المجتمع أن يتطور “طبيعيا” ضمن ظروف طبيعية من ديموقراطية وحرية وبدون فساد وسرقات ولصوصية , بدون الشبيحة والذبيحة وبدون سماسرة العسكر وبدون المادة الثامنة والتوريث وتفاهات الوحدة والحرية والاشتراكية , وهل يتضرر الشعب السوري لوأن رامي مخلوف لم يسرق عشرة مليارات دولار من قوت الشعب , ولو أن رفعت الأسد لم يملك من السرقات مايشبه رامي , وكذلك جميل , طيب الله ذكره , وحسن وشاليش والعائلة الحاكمة بملياراتها التي تفوق المئة , ثم أياد غزال بالأربعين من مليارات الدولارات , وشوكت بثلاثة من المليارات ثم آتانا ,والعياذ بالله ,الدكتور رستم غزالة رحمات الله عليه وتواضعه بخصوص الملياارات والدكتور بهجت بملياراته السبعة التي أنعم الله عليه بها اضافة الى الشهادات والاستحقاقات العلمية , ولا نعرف في أي مجال تدكتر هؤلاء الدكاترة ,انطلاقا من تقدمية الحكم ومساواة المرأة مع الرجل الذي نراه في ابهج وأحلى صوره بخصوص آل مخلوف (أخوال الرئيس) حيث لايقل مبدئيا ما أنعم الله , عز وجل , عليهم عن النعم التي حظي بها الأعمام جميل ورفعت وأولادهم , نرى هذه الممارسة التقدمية بخصوص العم الجديد الدكتور الأخرس , الذي أنعم الله عليه بما لايقل عن اثنين من المليارات , وقائمة المنعم عليهم طويلة جدا جدا , الا أني سأذكر منهم بشرى وابنة عمها روعة وزوج ابنة عمها السفير اللامع يوسف آل الأحمد وجميع آل الأحمد وآل نجيب وآل دوبا وآل حمشو وآل الغريواتي والكثير ..الكثير غيرهم!
مستغرب الحال وطارح السؤال يقول :الشعب السوري ذو طاقات بشرية جيدة , والأرض السورية خصبة , ويوجد والحمد لله كل شيئ من الباذنجان الى الملوخية الى الشعير والبعير ..الخ ..فما بالكم لو أضيف الى كل ذلك جزء صغير من المسروقات التي ذكرت طيه , وما بالكم لو لم توجد القيادة الحكيمة ولو لم يوجد البوطي والحسون المغرد , هل سيكون هناك “تردي” ؟؟ هل سيكون هناك فقر ؟, هل سيكون هناك حاجة الى هبة من الرئاسة ؟ وهل سيكون تعويم الخبز ضروري ؟ , وهل سيكون من الضروري لسائق التكسي ان يشتري البنزين بالقنينة ؟ هل كانت هناك حاجة الى اعدام ألف انسان سوري شهريا رميا بالرصاص ؟ هل ستهبط قيمة العملة السورية الى أقل من العشر ؟ وترتفع أسعار المواد الاستهلاكية الى أكثر من عشرات الأضعاف ؟ هل ستكون هناك حاجة الى اصابة الشعب السوري قاطبة بعصاب الخوف ؟ وهل قتل العقل السوري ضرورة لتطوير الشعب السوري الى الأمام ؟ هل قتل السياسة ضرورة ديموقراطية , هل الفساد نعمة الهية ؟ هل احتقار القانون واجب ؟ هل امتلاء السجون بالمساجين والملاعب الرياضية بالمعتقلين هو من ملامح الحاكمية الجيدة ؟ هل تزوير الانتخابات والاستفتاءات أمر يقره الوجدان ؟وهل من المعقول ان يصوت 99,99 % من الشعب السوري للمرحوم الوالد في ثلاثة دورات وللابن في دورتين حقيقة أو تزويرة ؟ هل تمركز سوريا في آخر قائمة الدول الفاسدة في العالم انجاز قومي رائع , وهل عزل سوريا عالميا أمر ايجابي بالنسبة للوطن ؟ هل اتهام السلطة السورية من قبل الأوساط الدولية بالاجرام بحق الانسانية مفخرة ؟ هل تعيين مايسمى “مجلس الشعب” مهزلة ؟ وهل حصر السلطة من اقصاها الى ادناها بشخص واحد منفعة ؟ هل تغيير الدستور خلال دقائق لكي يتلائم عمر الوريث من نصوص الدستور مهزلة ؟ هل هناك ضرورة لحوالي العشرين من أجهزة الأمن ؟ وهل مهمة هذه الأجهزة التصدي للعدو الخارجي ؟ أو ان مهمتها قهر الشعب ؟؟ وهل من العلمانية أن ينتمي 83 من كبار ضباط الجيش السوري البالغ عددهم 90 الى طائفة الرئيس , ونصف ال 83 ينتمون الى عائلة الرئيس ؟ هل سيطرت الرئيس وأخيه وصهره وأبناء خالاته وأعمامه على الدولة ومقدراتها أمر طبيعي , أو أنه معيق لكل ماهو طبيعي ؟ هل من الطبيعي أن يكون كل رئيس دائرة ..من رئيس الجمهورية الى مدير البنك الى مدير المدرسة وحتى الى المختاتير ومدراء المناطق والمحافظين ومدراء النواحي ومأمور النفوس ذو هوية بعثية مذهبية معينة ؟ أو ان ذلك معيق لما هو طبيعي ! ,؟ وهل يظن العميد أو اللواء عاطف نجيب وغيره على أنه باستطاعتهم ارسال العساكر لتقيل أهلهم وذويهم وأولادهم دون أن يحرض هذا العمل المنكر الناس على التمرد والمعارضة ؟؟ واذا كانت المعارضة “خيانة ” فمن هو المسؤول عنها ؟ المعارض ؟ أو من أرغمه على المعارضة ؟ , هل تحويل الجيش الى جيش عقائدي بعثي أولا وبعدها الى كتائب الأسد ليس الا مسببا ومحرضا للكفر بالدولة والنظام ؟ , ألم تحذر المعارضة السورية , والتي أمضت حياتها في السجون , من مغبة الاستهتار بالشعب والكذب عليه ؟ ماذا كان ارتكاس الرئيس الشاب على اعتراضات المعارضة في السنين العشرة الأولى من حكمه ؟؟ هل قطع لسان الشاعر حسن الخير واعدامه في السجن بسبب القائه قصيدة ناقدة هو الارتكاس الطبيعي أو انه الارتكاس المعيق لما هو طبيعي ؟ هل القاء عارف دليلة في السجن لسنين واجباره على العيش مع الجرابيع والفئران لسنين وارغامه على اقتسام الخبز المطرى بالبول معهم طبيعي , أو انه معيق لكل ماهو طبيعي ؟؟؟ ومثل دليلة ينطبق على امثلة من عشرات الألوف من الشعب السوري , ولا اريد الاستفاضة أكثر في بحث ماهو طبيعي وما هو معيق للطبيعي , أختم ذلك بالدستور الجديد , وأسأل ماهو الجديد في الوطن في ظل هذا الدستور الجديد ..هل يتم الاعتقال مثلا بناء على قرار القاضي أو المحكمة ؟؟ هل هناك تعدد حزبي ؟؟ وهل زالت هيمنة فروع الحزب وشعبه ,
كل ذلك تتوج بنهاية غير مسبوقة لمشروع دولة كان لها من الامكانيات ما يكفي لأن تتقدم على تركيا وكوريا الجنوبية وألمانيا واسرائيل واسبانيا ومعظم دول العالم ,كانت في مقدمة دول العالم الثالث وتحولت الى لادولة في مؤخرة كيانات العالم الرابع وما أدنى , أفقر انسان في العالم اليوم هو السوري , عدد من نزح وهاجر من ألمانيا في سياق الحرب العالمية الثانية لم يتجاوز الملايين السبعة من بين حوالي ٧٠ الى ٨٠ مليون الماني , وهذا الرقم القياسي حطمناه أيضا بهجرة ونزوح أكثر من نصف الشعب السوري , دامت الحرب العالمية الثانية حوالي ٦,٥ من السنوات وهذا الرقم حطمناه بجدارة والحبل على الجرار …الى متى !