سرجون الأول .. رجل العلمانية والحداثة الأول…/ عثمانللي
ولد سرجون سنه 2391 قبل الميلاد , كان سرجون الاكدي ملك من اصول سامية، سرجون الاكدي الاول (بالأكادية: “شارّو كِن”، بمعنى الملك الاسد) ,هو مؤسس السلالة الأكادية، امتدت إمبراطوريته الواسعة من عيلام إلى البحر المتوسط وشمل ذلك بلاد ما بين النهرين والأناضول. حكم بين عام 2334 وعام 2279 قبل الميلاد من عاصمة جديدة وهي أكاد التي تقع في الضفة اليسرى لنهر الفرات بالقرب من كيش. لم يكن سرجون هذا من أبناء الملوك و لكن الأساطير السومرية تذكر سيرة له روتها عن لسانه فهو يقول : “و حملت بي أمي الوضيعة الشأن أخرجتني إلى العالم سراً ووضعتني في سلة وأغلقت علىَّ الباب بالقار”. و جاه أحد العمال وانتشله وهو ساقي ملك كيش اور زبابا الذي كان اسمه اكي . وحين كبر سرجون أصبح فيما بعد هو ساقي الملك، فقربه الملك إليه، وهذا ما ادى الى ازدياد نفوذه و سلطانه. ثم خرج سرجون على سيده و خلعه وجلس على عرشه، وسمى نفسه ” الملك صاحب السلطان العالي “.
يعتبر سرجون الاكدي احد ابرز ملوك العراق القديم و موحد المدن السومرية القديمة تحت ظل امبراطورية واحدة و قد لقب بعدة القاب منها ( ملك الجهات الاربع ) و ( الملك الاسد).
من ابرز انجازاته من حيث الحداثة وعلمانية الدولة في عهده:
1 – الغى جميع محاكم الهيكل الدينية وانشأ محاكم مدنية، حيث يقوم بتأمين العدالة قضاة ملكيون مركزيون. واتخذ لنفسه لقب ( الملك او السيد العادل ) حيث اخذ اليهود لقب السيد واطلقوه على الههم (يهوه )،و جعل جميع القضاة تحت مراقبة الحكومة المركزية.
2 – رفع ايدي الكهنة عن الملكية العامة للهياكل من حقوق و مشاغل و مصارف بعد ان كانوا قد وضعوا الايدي عليها و صاروا يتوارثون ملكيتها. وحرر الفلاحين من التزاماتهم و كذلك العمال و الصناع العاملين في مشاغل الهياكل الصناعية. وانشا ادارات خاصة للاراضي والمشاغل الدينية تشرف عليها الدولة مباشرة. كما انشا دائرة تعطي للكهنة مرتبات تدفعها لهم الدولة. و يكون بذلك سرجون اول من طبق شعار علمانية الدولة في التاريخ.
3 – حرر الفلاحين من استعباد الامراء الاقطاعيين في المدن. فالغى النظام الاقطاعي الاميري لملكية الارض ووزعها على الفلاحين في ملكيات صغيرة خاصة، وانشا لذلك دائرة خاصة للتسجيل العقاري، ولم يبقَ على الفلاح اي التزامات الا للمراجع الملكية المركزية مباشرة؛ فيكون بذلك قد طبق اول برنامج للاصلاح الزراعي في التاريخ و ذلك قبل 4500 عام.
4 – الغى سرجون الوكلاء الاقطاعيين الذين كانوا في السابق ينشؤون الجيوش في المدن و يقدمونها للملك حسب اهوائهم. واعتمد في نظام جيشه على الاوساط الشعبية مباشرة ولاول مرة في التاريخ.
5 – توحيد البلاد بتوحيد التقاويم المختلفة للمدن في تقويم مركزي واحد.
أدهش سرجون الأكدي المؤرخين بمنجزاته الفريدة التي تستحق ان تنتسب الى قرننا الحادي والعشرين. ومنذ عهد سرجون الاكدي ادرك الملوك ضرورة الدولة الموحدة المركزية، إن في الغاء سرجون للمحاكم الدينية الهيكلية المستبدة وتعميم المحاكم الملكية المدنية التي تعتمد على قضاة اكفاء متخصصين. والاعتماد على ( مجالس احرار الشعب الديمقراطية )و ليس على (مجالس الشيوخ ) للكبار منعت تعسف الحكام الدينيين وعبثهم بمصائر الفقراء، مما جعل الشعب يتمسك بهذه المحاكم حتى بعد سقوط اكد واجتياحها على ايدي “الغوتيين ” فيما بعد. نلاحظ هنا حقيقة لا مثيل لها في العالم القديم، وهي ان جميع الناس كانوا من حيث المبدأ متساوين، و كان لكل واحد منهم حصة وقطعة ارض لتأمين حاجاته، و كان الجميع يعملون في الارض المشتركة وفي الاقنية والسدود، و لم يكن هنالك وجود لطبقة عاطلة عن العمل.
لابد في النهاية من طرح السؤال التالي: لماذا يتم تخليد عقبة بن نافع باطلاق اسمه على عشرات المدارس، والأمر مشابه بالنسبة لابن الوليد والرشيد وغيرهم من مجرمي قريش , مجرمي السلب والنهب والسبايا وبتر الرؤوس واغتصاب النساء… ولا يحظى اسم سرجون الأكدي الأول، والأول علمانيا في العالم، بأي تخليد !؟
وهل يجوز اختزال تاريخ سوريا بالقرون الأربعة عشر الأخيرة؟.. وهل بدأ تاريخ سوريا قبل ١٤٠٠ سنة ؟؟
سنبدأ باحياء التاريخ السوري باحياء زنوبيا وبانيبال وسرجون وعشتار وكراكلا والألوف غيرهم من الفلاسفة والقضاة وكل من علم الانسانية الحرف والمحراث والقراءة والكتابة … فنحن شعب الحرف ولسنا شعب السيف.
FacebookTwitterEmailPartager