الأسد والقراءة … / سمير صادق
من بين مادفع المواطن السوري الى معارضة الأسدية , وبالنتيجة حمل السلاح ضدها , كان ادراك المواطن لحجم المآسي التي ترتبت على قراءة الأسدية الكارثية للأوضاع السورية , وعدم استنتاج الصحيح ضمن السياقات المنطقية , فالأسد لايزال يتنكر لحتمية اندلاع ثورة من جهة , ومن جهة أخرى يعترف بضرورة الاصلاح وبمكافحة الفساد , واذا أصبح الفساد الموروث والمكتسب عملاقا في كمه وكيفيته , واذا صبر الانسان السوري دهرا على اذلاله واعتقاله ونهبه فلماذا لايثور ؟ , خاصة عندما يمتدح الرئيس المواطن السوري , لأن هذا المواطن لايقبل الذل , ويتمتع بالوعي والمواطنية الصالحة والصحيحة , ويوجه الضربات القاتلة للمؤامرة والمتآمرين وينتصر في حرب كونية ..الانسان السوري جيد من ناحية , من ناحية أخرى يتهم الأسد الانسان السوري بنقص في أخلاقه , ذلك لأن انتشار الفساد بالنتيجة مؤشر لوجود خلل اخلاقي , ولما كان الفساد كما وكيفا عملاقا في تواجده بالبلاد , لذا فانه من المنطقي القول على أن انحطاط الأخلاق عملاق في تواجده بالبلاد , أي أن الشعب السوري بشكل عام ناقص الأخلاق, طبعا باستثناء السوري الخلوق بشار الأسد .
كارثة القراءة الأسدية لموضوع الفساد وأسبابه ونتائجه فريدة من نوعها في العالم ,حيث أنه من المعروف عالميا على أن الفساد هو من صنع أقلية تستفيد منه , وأن الأكثرية هي بشكل عام ضحية فساد هذه الأقلية , وهذه الأقلية تتمركز عادة في السلطة , اذ لولا تمركزها في السلطة ومقدرتها على خرق القانون لما اقتدرت على ممارسة الفساد والاستفادة من هذه الممارسة , بالتحصيل كان على الأسد كرأس للسلطة اتهام نفسه بنقص الأخلاق وبالتالي كان عليه الاستقالة ,اذ لايوجد رئيس في العالم يقر بأنه أزعر ويريد بالرغم من ذلك البقاء على كرسي السلطة , الا في سوريا وشمال كوريا , فما ينطبق على سوريا وكوريا لاينطبق على بقية دول العالم .
الرئيس يريد اعادة اعمار سوريا , وهذا أمر مفرح , والذي أفرح الأسد أكثر هوامكانية تشغيل الناس في ورشة اعادة الاعمار , ولكن التهديم لم يتوقف طوال السنين العشرة الأخيرة , لابل ان التهديم مستمر منذ نصف قرن , لابل منذ عشرات القرون, والتهديم لايخص الحجر فقط , فللتهديم أبعاد أخرى أهم من أبعاد الحجر…. تهديم المواطنة , تهديد الأخلاق والوعي …تهديم السياسة وتهديم التعليم …الخ , قراءة الأسد للأمر أكثر من كارثية , فعلى المستوى الشخصي , أليس من المنطقي أن يفكر من يريد بناء منزل بكيفية تمويل هذا البناء , والتقديرات لحد الآن تقول على أن اعادة البناء تتطلب كمية من المال تقدر بأكثر من ٥٠٠ مليار دولار , فمن أين للأسد هذا المبلغ علما بأن الميزانية السورية لعام ٢٠١٣ بلغت ١٦ مليار دولار , والميزانية الأخيرة لم تتجاوز ال ٦ مليارات دولار , رئيس يهدم عمليا ويبني نظريا , ويتصرف أمام الانسان السوري وكأن هذا الانسان دابة لاعقل لها , فلا بناء ولا بناؤون وسيبقى الحطام حطاما والأنقاض أنقاضا , فدولة غنية وكبرى تستصعب تأمين المبلغ المطلوب حتى جزءا منه, لقد ناءت ألمانيا تحت عبئ مصاريف الجزء الشرقي منها بعد انهيار الجدار وتحقيق الوحدة الألمانية , والمطلوب من الغربية كان حوالي ٦٠ مليار يورو , فكيف الحال مع سوريا ومع تكاليف اعادة الاعمار , التي تفوق مبلغ ال ٦٠ مليار عشرات المرات !.
يجب على أي مسؤول خاصة رئيس الجمهورية أن يحترم مصداقيته ويتحدث باحترام وجدية الى الشعب , وما قاله الأسد عن الاعمار لايمت للاعمار بصلة , وانما الهدف منه تهيئة الناس نفسيا لتقبل مزيد من الدمار , اذ أن التدمير ليس بالكارثة لطالما شمر معلم العمار عن ساعديه وسيعمرها وسوف لن يكون أجمل منها ..وهذا هو الانطباع الذي يريد الأسد ادخاله في رؤوس الناس ,فالأسدالذي زار قبل سنين بابا عمرو في حمص بعد أن أخذ الحي نصيبه من التدمير ,أعطى أوامره الفضفاضة الهوائية ورحل , وبابا عمرو لم يتغير , لا اعادة بناء ولا شيئ من هذأ القبيل باستثناءاللغط الكلامي والوعود الكاذبة الحلمية , انه تخدير وضحك على الذقون, وهكذا سيكون مصير كل تدمير في سوريا , سيترك كما هو!
سيشكل وجود الأسد رئيسا عائقا اضافيا أمام اعادة الاعمار, اذ ليس من المنتظر أن تفتح البنوك الدولية أبوابها للأسد , منها مثلا البنك الدولي للتنمية ,هذا البنك لايعطي سوريا الأسد فرنك , لأنه يعرف على أن كل فرنك سيتم لهطه من قبل شبيحة السلطة , وبالنهاية سوف لن يتم ايفاء الديون , كما أنه ليس من المنتظر أن تقدم ايران أو روسيا شيئا للاعمار , ذلك لأنهم لم يعمروا بلدانا خربوها , وهل عمرت روسيا غروزني مثلا ؟ , ومن اين لبوتين والملالي تلك الأموال , مستقبل سوريا , بالرغم من قراءات الأسد الحلمية مظلم جدا , وما الوضع الكارثي الآن سوى مقدمة لما هو أفظع.