حوارات وآراء

الإرهاب حرب الضعيف الفقير والحرب إرهاب القوي الغني/ ميرا البيطار

اختزال العنف على تقطيع الجثث هو أمر ناقص وبائس , لأن هدف العنف هو ارهاب الآخر , وارهاب الآخر يتم بالعديد من الطرق , ونوع الطرق يخضع بشكل عام للعديد من الآليات , منها آلية الكاتب والممثل البريطاني بيتر أوستينوف القائلة , ان الارهاب هو حرب الفقير الضعيف , والحرب هي ارهاب الغني القوي , من يملك جيشا يحارب ليرهب , ومن لايملك جيشا يرهب ليحارب !!!!فرضية أوستينوف تغطي حيزا من طيف الارهاب الواسع, الا أنها لاتفسر القسم الأعظم من الممارسات الارهابية التي اكتوينا بنارها بها في هذا العصر.
هناك أنواع متيزة من الأرهاب , منها ارهاب الدول وارهاب الأفراد, ارهاب قومي وارهاب ايديولوجي وسياسي أو اعلامي , ما نحن بصدده الآن هو الارهاب الديني , الذي يريد القضاء على المنافسين بمنطق القوة المقدسة , فهل تنطبق نظرية بيتر أوستينوف على الارهاب الديني ؟؟
لاتنطبق نظرة أو ستينوف على الارهاب الديني , اذ أن المحرك الأساسي في الارهاب الديني ليس الضعف أو محاولة التحرر من قبضة الاستعباد , وانما القضاء على المنافس المؤسس على اعتبارات فقهية أو دينية بخصوص التعامل مع من يعتبرهم الدين أو الفقه الديني كفرة وملحدين , مجرد اعتبار الآخر كافر هو استعداء له أي تحويله الى عدو , لايتطلب ارهاب الآخرين الكفرة قيام هؤلاء بأعمال عدائية ضد المؤمنين , لانعرف في مراكش ولا في العراق أو مصر اضطهاد المؤمنين المسلمين من قبل أتباع بقية الأديان , لذلك فان الحرب الارهابية على الأقباط في مصر أو الكلدان في العراق او المسيحيين في السودان , أو الوثنيين في السودان … وغيرهم , غير مؤسس على ضعف الارهابي , وانما على قوته , لكونه ينتمي الى الأغلبية المهيمنة , وليس الى أقلية مقهورة ضعيفة .
المهم في هذه الحالات وما يشبهها بالدرجة الأولى هو العلاج , الذي يتضمن العديد من الطرق والمبادئ , منها عدم تبرير الجريمة مهما كان منفذها وأيا كان شكلها , الارهاب مرفوض كليا ولا مبرر له على الاطلاق , العلاج يتضمن القضاء على مسوغات العنف كوسيلة تداولية مهما كانت الظروف , لايمكن استرجاع الحقوق المهضومة بوسيلة تتضمن هضم حقوق الآخر , فالارهاب موجه مبدئيا ضد أشخاص لاعلاقة لهم بموضوع سلب الحقوق, العلاج يتضمن أيضا التصدي لوسائل الاعلام التي تدعو الى ممارسة الارهاب ….فكيف يمكن لشخص كالشيخ الحيويني أن يدعو جهارا نهارا للغزو في القرن الحادي والعشرين وذلك لاصطياد الشقراوات واستلاب الغنائم مرتين كل سنة ؟؟؟وكيف يمكن للبعض تمجيد أعمال الاعتداء على الآخرين بالقوة والسيف واعتبار فتوحات الغنائم خيرا وبرا , انها دعوة لممارسة الارهاب ضد الغير , وحتى تبرير الغزوات بنشر الاسلام هو دعوة لممارسة الارهاب الديني , نشر الدين لايتم بالسيف , فالسيف أداة ارهاب بشكل مطلق.
لايمكن لمقاومة الارهاب أن تنجح بدون تحديث النصوص الدينية من خلال الغاء كل نص يدعوا للقتل والاقتتال المؤديان حتما لالحاق الضرر بالآخرين , في الكتب مئات النصوص المشجعة على أرهاب الآخر , ولابد لكل ذلك الا أن يتم في جو ثقافي أخلاقي يكرس الأخلاق الحميدة ومبادئ المساواة واحترام حقوق الآخر في الحياة والابتعاد عن التكفير وعن مفهوم خير أمة ومفهوم الولاء والبراء , وكل مفهوم يصنف نوعا من البشر في مصنف أرفع أو أدنى من المصنف الذي توضع به البشرية بشكل عام.
———-
عن الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى