حوارات وآراء

لكنّ سماءك مُمطِرة وطريقك المهنيّ مسدود مسدود/ خالد تركاوي

في قصيدة قارئة الفنجان للشاعر نزار قباني -والتي أبدع في غنائها الفنان عبد الحليم حافظ- تتنبَّأ قارئة الفنجان بالمستقبل العصيب والتحديات المقبلة، لقد بشَّرته بالعذاب القادم، ولكنها أكدت في ذات الوقت أن الطريق يستحق المحاولة ويستحق التضحيات.

يعاني بعض الموظفين في الشركات من تحدِّيَات لا تقلّ صعوبة عن تلك التي تتنبأ بها قارئة الفنجان، مشاكل في العمل، بيئة وظيفية غير مريحة، رواتب منخفضة، وعدم وجود أي نوع من الترقية الوظيفية بل قد يصل الأمر إلى درجة الخصم من الراتب أو حتى التسريح أو الفصل من العمل، وفي حالات كثيرة وشائعة تكون مسألة الثبات والمراوحة في المكان هي حال عدد كبير من الإداريين الذين يتماهون مع ديكورات المكاتب ليألف الناس وجودهم مع مرور الوقت وكأنهم يرون جزءاً أصيلاً من أثاث المكتب.

هكذا تشكِّل المراوحة في المكان والتراجُع في المراتب الوظيفية شكلاً من أشكال الطريق المهني المسدود الذي ظنه سالكوه سهلاً وسلسلاً وبأن بلوغ مراتب متقدمة فيه سيكون مهمة تشبه مهمة قطع قالب من الحلوى.

مهما كان شكل الانسداد الوظيفي الذي تعاني منه فإن التعامل مع هذا الموقف هو الأمر المطلوب بكل تأكيد؛ فالاستسلام سيعني بشكل أو بآخر أن ينتهي بك المطاف في المنزل أو المطبخ تستمع إلى أغاني عبد الحليم حافظ وتندب حظك العَثِر، ولكن ما هي النصائح والتوصيات الأبرز في هذا الإطار؟

يمكن أن ننظر إلى ثلاث إستراتيجيات رئيسية في مثل هذه المواقف، ألا وهي إستراتيجية العودة إلى الخلف، إستراتيجية الوقوف على الرصيف، إستراتيجية إعادة التهيئة، وتنص هذه الإستراتيجيات على ما يلي:

إستراتيجية العودة إلى الخلف تقضي أن يعود الموظفون الذين سُدَّت الأُفُق الوظيفية أمامهم إلى الوراء في سبيل إعادة الانطلاق من نقطة جديدة، وكمثال واضح على هذه الإستراتيجية نستطيع أن نقول إن طلب الموظف من مديره أن ينقله إلى إدارة ما في وظيفة مماثلة أو أقل من وظيفته الحالية مع ضمانات التقدم الوظيفي في حال الإنجاز سيكون أمراً جيداً، خاصة إذا كانت هذه الوظائف تُعتبر من النوع السهل للموظف بسبب خبراته التي يتمتع بها في الوظائف المتقدمة مما يساعده إلى إعادة التقدم بسهولة في مَسار وظيفي مختلف.

إستراتيجية الوقوف على الرصيف تعني أن نأخذ استراحة قصيرة في سبيل تغيُّر الظروف التي تحكم العمل، فأحياناً تكون الأمور تفوق قدراتنا، وتكرار المحاولة يعني أننا نضرب رؤوسنا بالحائط، لذا فإن الانتظار قليلاً والمشاهدة من جوانب مختلفة سيساعدنا على فهم أكبر لاختراق الموقف ومعرفة سبب الانسداد الوظيفي وتعديل ظروفه.

الإستراتيجية الأخيرة التي يمكن العمل عليها هي إستراتيجية إعادة التهيئة، وهي تعني أن نعيد تهيئة أنفسنا للوظائف المتقدمة، فقد تكون المشكلة في خبرات تنقصنا للحصول على هذه الوظائف أو مهارات معينة أو نوع من العلوم يجب تحصيله أو برنامج ما علينا أن نتعلمه، وهذا يعني أننا نعيد تهيئة أنفسنا من جديد كمن يعيد تنزيل نظام تشغيل أحدث يتناسب مع واقع العمل الجديد.

ولا شك أن الطرق قد تكون كثيرة لإعادة اكتشاف الأسباب التي تؤدي للانسداد الوظيفي والتغلب عليها والمهم أن المحاولة يجب أن تبقى هي المفتاح للحل، المحاولة الدائمة والمستمرة للتقدم وليس الاستسلام بكل تأكيد، مع ضرورة الانتباه أن المحاولة المستمرة للتقدم الوظيفي لا تعني أن تحافظ على مكانك في الشركة ذاتها، فقد تكون بهذا الأسلوب تدفع نفسك إلى “مطاردة الدخان” أو أن تبحث عن مجهول أو مفقود.

فقط حاوِلْ واعلَمْ أن الطرق خارج الشركة كذلك قد تكون مفتوحة لك وبانتظارك ولكن لا تستسلم فالأمر يستحق التضحية.

المصدر
موقع نداء بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى