حوارات وآراء

استمرارية كربلاء !/ سمير صادق

مرت سوريا بمراحل عدة,منها المتميزة ومنها المتشابهة ,مرحلة الخمسينات ودستور الخمسينات وانتخابات الخمسينات عام ١٩٥٤ ,كل ذلك يعتبر من قبل معظم أفراد الشعب السوري على أنه متميز عن بقية الفترات .
من خواص الخمسينات الثابتة هي تميزها بنوع كاف من الحريات ومن الممارسة الديموقراطية ومن الكفاية المادية الاقتصادية ثم من اللاطائفية في التداول الاداري السياسي ,السؤال أين نحن في انتمائنا وتطورنا الحضاري ؟؟؟هل نمثل فترة الخمسينات وتمثلنا فترة الخمسينات ,أو نمثل الفترات الأخرى التي تجلت في السنين الأخيرة بمنتى البربرية والتوحش , هل الخمسينات عبارة عن قشرة اصطناعية الصقها الفرنسيون على جلدنا , وتمظهرنا قالبا بما نحن ليس عليه قلبا ؟؟؟؟ اين هو الاستثناء ؟؟؟ هل الخمسينات أستثناء أو مابقي استثناء؟؟؟
الأرجح ان تكون فترة الخمسينات هي الاستثناء, ذلك لأنه من السهل جدا تقسيم الحياة السورية الى أقسام عدة ,منها المهم ومنها عديم الاهمية , لم تعد للحضارة الفينيقية حاضرا تلك الأهمية , المهم ما زال يبسط ظله على الحياة السورية ,حتى ولو كان هذا البسط جزئيا … نعيش جزئيا أو حتى كليا في ظل حضارة اسلامية , لايزال البعض يطالب بانعاشها , بينما لايطالب أحد بانعاش الحضارة الفينيقية , لذا فان عمقنا التاريخي اختزل ب ١٤٠٠ سنة , وذلك في محاولة لقتل تاريخ آلاف السنين قبل السنة الهجرية الأولى .
وبماذا تميز هذا العمق الحضاري الأخير ؟؟؟هل تنطبق معالم هذا العمق الحضاري على فترة الخمسينات, أو أن بربرية ال١٤٠٠ سنة تنطبق على مانعايشه الآن , من فساد لاتعرفه فترة الخمسينات , انما تعرفه بشكل واضح الخلافات …أموية ..عباسية .. عثمانية ,وعن الطواغيط التي لم لها ذلك الوجود الفاقع في الخمسينات , كان لها وجودا فاقعا في كل فترات الخلافات ,التي تميزت بمقتل معظم الخلفاء , وعن العنف ,الذي لم يكن له ذلك الشكل في الخمسينات ,فقد كان له في ال ١٤٠٠ سنة مكانا مرموقا جدا في تداول السلطة مع الشعب .
أما عن تقزيم دور الشعب , فيمكن الحديث هنا بدون أي حرج , وحتى المفخرة الاسلامية التي تعرف تحت اسم “الشورى ” لم تكن الا طاغوطية جماعية …وأمرهم شورى بينهم ..فمن هم ؟؟؟انهم هيئة انتقاها الطاغوط الأكبر لممارسة الاستشارة والمشاورة .. لم ينتخب الشعب هذه الهيئة , لذلك لاعلاقة لمنظومة الشورى بالشعب , وعن التحارب والادمان عليه , لم تخلو الخمسينات وغير الخمينات من هذه الظاهرة طوال ١٤٠٠ سنة.
يمكن الاستنتاج من هذا العرض المقتضب جدا بأن ثقافة الخمسينات لم تكن الا نوعا من “القالب” الليبرالي الذي وضعنا الفرنيسون به , وحتى فترة الخمسينات لم تكن خالية من محاولات الافلات من هذا “القالب ” , ففترة الخمسينات تعرف على الأقل ثلاثة انقلابات , لم تكن وديعة ولم تكن لطيفة اطلاقا ,وعلى جوهرها سيطر الساطور والبسطار العسكري , بالرغم من ذلك كانت فترة متميزة , حتى الانقلابات لم تتمكن من اجهاض الدولة المدنية , التي لم تكن استمرارا لسنين الخلفاء ,الا أنها لم تكن نقيضا كاملا لهذه السنين …أما اليوم فما نراه ليس سوى استمرارا كاملا لحروب الخلفاء ,خاصة لكربلاء ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى