الإعلام الثوري أم ثورة الإعلام / صخر ادريس

يطفو دائماً على السطح مصطلح “الإعلام الثوري”، للتعبير عن إيصال رسالة مطالب الشعوب والتوعية بها للرأي العام، وعن تقصيره أو نجاحه، بحكم أنه انعكاس لهذه المطالب.
في الحقيقة لا يوجد إعلام ثوري لأن السلطة الرابعة تعتبر ثورة في أعتى الديموقراطيات وأكثر الدول تطبيقاً للحريات العامة إن كان على صعيد الشعب او الدولة، الأفراد أو الجماعات.
الاعلام ان مورس بمهنية فهو “ثورة مكتملة الأركان” على الفساد بكافة أنواعه والظلم والاستبداد، والتصنيف الشائع بهذا التوصيف، يعطي الاعلام بالضرورة صورة غير مهنية، وهي ما يجب العمل عليه، فالحيادية في الإعلام مجازاً توصف للاستدلال على المهنية والاستقلالية، فلا يوجد حيادية في الاعلام مادام انحيازه لحقوق الانسان ونصرة المظلوم وكشف ما خلف الكواليس وبين الدهاليز من فساد ومحسوبيات بالحجة والدليل.
لطالما قرانا كيف تسبب الاعلام باستقالة وزير في دولة ما، أو تسبب بخسارة انتخابات لشخصية كانت قاب قوسين أو أدنى من النجاح في أعلى منصب في الدولة وهي الانتخابات الرئاسية.
– في ايسلندا تنحى رئيس الوزراء عام 2016 بعدما كشف الاعلام من خلال وثائق بنما المسربة أن زوجته تمتلك شركة خارجية وعليها مطالبات مالية في بنوك الدولة.
– مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية الفرنسية “فرنسوا فيون” والذي كان الأوفر حظاً للفوز عام 2017، خسر المنافسة بعدما أضعف الإعلام فرصه بعد التحقيق معه بتهمة “اختلاس اموال عامة” قبل 3 اشهر من الدورة الاولى للانتخابات نتيجة تعرض حملته لفضيحة وظائف وهمية على يد “الإعلام”.
– في ألمانيا استقالت وزيرة الأسرة الألمانية “فرانسيسكا جيفي” من منصبها في شهر 5 هذا العام على خلفية شبهات حول سرقة أدبية، وفجر الاعلام القضية وتسبب هذا “الخداع في استقلالية إنجازها العلمي” بسحب درجة الدكتوراه من جامعة برلين الحرة.
هذه “الثورات” الإعلامية لم تتوقف عند مكان أو زمان، ولم يحد من استمرار “ثورية الاعلام” اسم او سلطة.
ثورة الاعلام قائمة، وستستمر عابرة للقارات مادامت مهنية تهدف إلى التنوير وكشف المستور عبر الحق الشرعي للوصول إلى المعلومة للجمهور كي يتخذ قراراته الصحيحة.
الاعلام ثوري في مهنيته، لا ثائر على المهنية، مستقل مهني لا حيادي والفرق شاسع.