انتشار مرض اللشمانيا في مخيمات إدلب وسط نقص العلاج/ دارين الحسن – ادلب
تعيش خديجة البصاص(12 عاماً) النازحة من ريف مدينة سراقب إلى مخيم كللي بريف إدلب الشمالي، بحالة من الحزن والعزلة، وترفض الخروج من الخيمة ورؤية صديقاتها، بسبب شعورها بالحرج من وجود حبة الليشمانيا في وجهها، والخوف من التعرض للتنمر والسخرية .
خديجة ليست وحيدة في هذه المعاناة، حيث ينتشر مرض اللشمانيا في معظم المخيمات المتوزعة على الحدود السورية التركية شمال محافظة إدلب بسبب الاكتظاظ وانعدام مقومات النظافة العامة ووجود المياه الملوثة المكشوفة، ونقص الرعاية الطبية، وتتنوع الإصابات بين المزمنة والخطيرة والأقل ضرراً .
والدة خديجة تتحدث ل”سوريا بيتنا”عن معاناة ابنتها بالقول: ” نعاني من وجود مياه الصرف الصحي المكشوفة في المخيم والروائح الكريهة، وانعدام مواد التنظيف والمعقمات، وهو ما أدى إلى انتشار الأمراض الجلدية بكثرة بين النازحين، وخاصة الأطفال .”
وتضيف: “ظهرت في البداية حبة حمراء صغيرة على وجه ابنتي، وبدأت تكبر وتتوسع، وبعد التحليل المخبري تبين أنها حبة اللشمانيا، لكن ابنتي قلما تحصل على العلاج بسبب بعد المراكز الصحية عن المخيم، وعدم قدرتنا على شراء الأدوية بسبب الفقر وتردي الأحوال المعيشية .”
الطبيب محمد العدنان (35 عاماً) من مدينة إدلب، أخصائي بالأمراض الجلدية يتحدث ل”سوريا بيتنا” عن أسباب انتشار مرض اللشمانيا في الشمال السوري بقوله: “يعد اللشمانيا من الأمراض الأكثر شيوعاً وانتشاراً في المخيمات بسبب التلوث البيئي في ظل تردي الوضع الخدمي، وسوء الصرف الصحي ومصارف المياه، كما تفتقر المخيمات إلى مراكز صحية ثابتة لتقديم الرعاية والخدمات الطبية واللقاحات اللازمة لتفادي الإصابة بالأمراض .”
ويتابع الطبيب: ” اللشمانيا مرض جلدي طفيلي المنشأ ينتقل عن طريق لسعة ذبابة الرمل، وهي حشرة صغيرة جداً لا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية لونها أصفر، ويزداد نشاطها ليلاً، ولا تصدر صوتاً لذا قد تلسع الشخص دون أن يشعر بها، وتعمل على نقل العدوى من دم شخص مصاب إلى شخص سليم .”
ويشير العدنان أن للمرض أنواع منها اللشمانيا الجلدية التي تصيب الأماكن المكشوفة من الجلد، بالإضافة إلى اللشمانيا الحشوية، التي تصيب أحشاء الإنسان وقد تؤدي إلى الموت .
ويلفت الطبيب أن العلاج يكون بحقن عضلي أو موضعي من مركبات الأنتموان خماسي التكافؤ أو الآزوت السائل، علماً أن هذه الأدوية غير متوفرة في كثير من المستوصفات، وتوجد بكميات قليلة في مستوصفات أخرى، ولا تتناسب مع أعداد الإصابات المتزايدة.
ويشدد على ضرورة الوقاية من المرض من خلال المحافظة على النظافة الشخصية ونظافة الخيام وماحولها، وترحيل النفايات عن المخيمات بشكل يومي، مع التدخل السريع من قبل المنظمات الطبية لإيقاف انتشار المرض ورش المبيدات الحشرية في المناطق الموبوءة، وإغلاق مجاري الصرف الصحي المكشوفة التي تعتبر بؤرة تجمع الذباب والبعوض المسبب لهذه الآفة .”
الطفل مروان اليوسف(8 سنوات) نازح من ريف معرة النعمان الشرقي إلى مخيم على أطراف مدينة أطمة الحدودية مع تركيا، يعاني جراء إصابته باللشمانيا التي انتشرت في وجهه ويديه وقدميه، وأخذت تتوسع وتسبب له تقرحات وتشوهات، الأمر الذي دفع والده لشراء الأدوية على نفقته الخاصة، وعن ذلك يقول: “نعيش في المخيم حالة مأساوية، فلا مأوى صالح للعيش الكريم ولا خدمات، كما تنتشر القمامة والحشرات، بالإضافة إلى تردي وضع الصرف الصحي في المخيم وقلة المياه النظيفة، كما نفتقر للمراكز الصحية القريبة .”
ويناشد أبو مروان المنظمات لتقديم يد العون للنازحين الذين أجبرتهم الحرب على ترك منازلهم والعيش في خيام بالية، ومساعدتهم على عيش حياة كريمة، من خلال توفير المياه والمتظفات وترحيل القمامة ومد شبكات الصرف الصحي، وإنشاء نقطة طبية في كل مخيم لتوفير العلاج والرعاية الصحية، مؤكداً أن أكثر من 20 شخصاً من سكان المخيم يعانون من مرض اللشمانيا الجلدي في ظل غياب وجود مستوصف أو نقطة طبّية .
الليشمانيا من الأمراض الخطيرة التي تستدعي عناية خاصة ومكافحة مستمرة، لكنه يستشري في مخيمات إدلب نتيجة انهيار منظومة الرعاية الصحية ونقص الخدمات، إلى جانب الاكتظاظ السكاني ونقص المياه، وقصور في إدارة النفايات ومياه الصرف الصحي، الأمر الذي يزيد من معاناة النازحين، ويفاقم معاناتهم .