تركيا:اعتقالات وترحيل ضد الناشطين الذين أنتجوا فيديوهات ساخرة/ مروان العش
حملة اعتقالات وترحيل ضد الناشطين الذين أنتجوا فيديوهات ساخرة من الأتراك الذين يتهمون السوريين بحرمانهم من الموز .
ربما لا يفهم أردوغان ونظامه أن الفن الساخر جزء لا يتجزأ من الحرية الإعلامية والحريات الفنية والصحفية, وينسى أردوغان أنه بالأمس القريب كان يتهم نظام الأسد بالتجاوز على حقوق الأفراد ويتبجح بالاعتقالات التعسفية.
تركيا لا تختلف عن إيران من حيث الثقافة السلطوية الاستعلائية الدكتاتورية وتلبس قشرة ديمقراطية زائفة أكبر من مقاسها بكثير . ففي التاريخ التركي لا وجود لفكر ديمقراطي أو مفكرين أحرارا . المكون التاريخي التركي هو تحول من ثقافة بيزنطية توتاليتارية سلطوية إلى ثقافة سلطانية اتخذت من اللاهوت ستارا ومن الدين قشرة سطو واستكبار . فبطشت بسوريا والعراق ودول الجوار ونشرت الفساد والكرخانات وسرايا النصب والاحتيال على حقوق الشعوب, فكان تاريخها دام ومسيرتها موضع عار واستنكار, وعند تحرر سوريا من احتلالها العثماني لم يكن في سوريا من يحسن القراءة والكتابة, وكلنا يعرف كيف تم إعدام المفكرين والوطنيين السوريين على يد الأتراك. لم يكن ثمة في التاريخ موز لكن كان القمح الذين صارده جمال باشا وحاصر السواحل اللبنانية وتسبب بمجاعة أودت بحياة 200 ألف لبناني ومئات آلاف السوريين , وعندما ظهر القوميون العرب وطالبوا بالمساواة أو الاستقلال جمع جمال باشا المثقفين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين في 20 آب 1915 وأعدمهم شنقا في بيروت (من بينهم عبد الكريم الخليل ومحمد ومحمود المحمصاني ونور الدين القاضي وسليم أحمد عبد الهادي ومحمد مسلم عابدين. ويوم 5 نيسان 1916أعدم يوسف الهاني شنقا
ويوم 6 أيار 1916، شهدت ساحة المرجة بدمشق التي سميت بساحة الشهداء إعدام الأتراك كبار المثقفين العرب، كان من ضمنهم الأمير عمر الجزائري حفيد الأمير عبد القادر الجزائري، والكاتب رشدي الشمعة، والشاعر والأديب شفيق بك مؤيد العظم، والشاعر رفيق رزق سلوم والمفكر والصحافي عبد الحميد الزهراوي.
وفي ساحة البرج في بيروت التي سميت لاحقا ساحة الشهداء، جرى إعدام 14 فردا من النخبة المثقفة، وقد تضمنت القائمة كلا من الكاتب والصحافي عبد الغني العريسي، والمفكر سليم الجزائري، والمؤلف والشاعر عمر حمد، والشاعر والصحافي جورج حداد . عدد كبير من المثقفين السوريين جرى إعدامهم على الخازوق , والدراسات التاريخية كلها تشير إلى أن الحراك المثقف ظهر بعد أن منع جمال باشا الخبز عن أفراد الشعب وسلبهم مادة الطحين والمواد التموينية بالقوة, وقام بنهب قوت العوائل ومحاصرة السواحل لمصادرة المواد التموينية .
عرف تاريخيا الفرس بحكم قوروش (يقال في العامية حكم قرقاش وبه بضرب المثل بالعنف والهمجية ) والأتراك عبر مختلف الحقب عرفوا بهمجيتهم وإجرامهم بحق الشعوب وليس جمال باشا السفاح إلا أحد تلك النماذج . على العكس من ذلك عرف العرب والسريان بأنهم أرحم الفاتحين والمحاربين ويمتازون بالكرم وحبهم للثقافة, وتعترف أوروبا للسوريين بالفضل في حفظ علوم اليونان طيلة فترة حكم الكنيسة أو ما سمي بعصر الظلمات والقرون الوسطى, وعادت أوروبا للتواصل مع تاريخها من خلال مكاتب الأندلس التي حفظ فيها السوريون العلوم اليونانية وطوروها.
ينتهج أردوغان منهج جمال باشا السفاح في استهداف وتصفية كل من يعارض سياسته في سوريا, والمخابرات التركية كانت ولم تزل المساهم الأكبر في تصفية الأحرار وإخلاء الساحة منهم لحساب ملئها بالعبيد الخانعين الخامعين لسياسته الإمبريالية التوسعية والتي تستغل مأساة السوريين وتتاجر بهم, وهي تنافس إيران في السيطرة والنفوذ , وعلى المجتمع الدولي متمثلا بمجلس الأمن أن يخلص السوريين من الاحتلال والسطو الأجنبي (تركي – إيراني إلخ ) وما يجسده من تهديد للمبادئ الإنسانية الأممية والأمن والسلم الدوليين.
تركيا والحرية خطان متنافرين لا يلتقيان , وكل أصابع الاتهام تشير إلى ضلوع تركيا في اغتيال وتصفية الأحرار بدءا بالهرموش وانتهاء برائد الفارس (ابن مدينة كفرنبل ) ولم يكن اعتقال العميد أحمد رحال إلا لأنه عبر عن رأيه, وهذا بحد ذاته كاف للحكم على زيف الدعم التركي لثورة الحرية . تركيا دولة قمعية تقوم بتصفية كل من لا يواليها وهذه بحد ذاتها جريمة مستمرة منذ بداية الثورة ووجودها إلى جانب إيران في سوريا مع بقاء الأسد يشكل مهزلة دولية.