الطب البديل… باب للاستشفاء وبديل عن غلاء الأدوية في إدلب / دارين الحسن-إدلب
مع الارتفاع الجنوني لأسعار الأدوية وانهيار القطاع الطبي في إدلب، اتجه الأهالي إلى التداوي بالأعشاب للحصول على نتائج عجزوا عنها في الطبّ الكيميائي المُغيّب عنهم، في ظل غياب الرقابة الصحية، وهجرة معظم الأطباء إلى دول الجوار .
طبيب الأعشاب سامر الكيال (34 عاماً) نازح من مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي إلى مدينة أطمة الحدودية مع تركيا، اكتسب خبرة بطب الأعشاب من والده، وخصص غرفة في منزله لممارسة المهنة، وعن عمله يقول: “أثبت الطب العربي جدارته، وأفرز نتائج جيّدة ساعدت في الشفاء من عديد من الأمراض، بحسب شهادات لمرضى جربوا العلاج بأنفسهم .
ويبين الكيال أنه يقوم بجمع الأعشاب والأزهار من البراري والأرياف، أو يشتريها من المحلات، ثم يصنع منها الخلطات والأدوية، لافتاً إلى أن هناك عدة طرق للاستفادة من الأعشاب منها الغلي أو النقع أو الزيوت أو الكمادات أو المراهم.
ويعتمد الكيال على التحاليل الطبية التي يطلبها من مراجعيه لمراقبة آلية العلاج ومدى التحسن، ويستخدم الأعشاب والزيوت والعسل والخل وأنواعاً من الحبوب في وصفاته، مؤكداً أن الأسعار التي يتقاضاها مناسبة، وقد ارتفعت في الآونة الأخيرة نتيجة غلاء أسعار المواد التي يحصل عليها من مناطق مختلفة .
وعن الأمراض التي تمكن من علاجها يضيف: “تمكنت من علاج العقم وآلام المفاصل والبهاق والليشمانيا وتساقط الشعر والربو وارتفاع ضغط الدم وغيرها .”
يجد بعض السكان في إدلب في طب الأعشاب حلاً مجدياً للعديد من الأمراض، مع ارتفاع أجور المعاينات الطبية وقلة الموارد المالية.
جهيدة العموري (40 عاماً) نزحت مع أسرتها من مدينة سراقب وتقيم في أحد مخيمات سرمدا الحدودية مع تركيا، لجأت لطبيب أعشاب لمداواة ابنتها من مرض الليشمانيا، وعن ذلك تقول لسوريا بيتنا: “لجأت لطب الأعشاب نظراً لقلة تكاليفه ووضعنا المادي المتردي، وقد وجدت ابنتي بعض التحسن، ولكن لم تختف آثار المرض من وجهها حتى الآن .”
وتشير العموري أنها تلجأ لطب الأعشاب أيضاً لمعالجة أبنائها في فصل الشتاء من نزلات البرد والإنفلونزا والسعال وغيرها من الأمراض، لأن الأدوية المتوفرة في الصيدليات باهظة الثمن ولا قدرة لها على شرائها .
أما خليل المنصور (29 عاماً) من بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، فقد لجأ مع زوجته لطب الأعشاب للعلاج من العقم، وحققت الفائدة المرجوة، وعن ذلك يقول: “تزوجنا منذ خمس سنوات، ولم نرزق بأطفال، وراجعنا عدداً من الأطباء دون جدوى، لذلك لجأنا في النهاية لطب الأعشاب، وبعد علاج ما يقارب سنة حملت زوجتي بطفلنا الأول والحمد لله .”
الطبيب خالد عكو (46 عاماً) من مدينة إدلب يتحدث عن طب الأعشاب بقوله: “رغم أن الأعشاب هي المثال الواضح للرجوع للطبيعة إلا أنها من الممكن أن تسبب بعض أعراض الحساسية أو التسمم عند أخذها بجرعات زائدة، حيث يؤدي استعمال الأعشاب بشكل مغلوط وزيادة الكميات إلى فعل عكسي وضرر بالغ في الجسد وهدراً للأموال، لذلك يجب أن يقترن العلاج بالأعشاب بالتشخيص الصحيح للمرض، فإن استخدام بعض الأعشاب قد يضر بعض الأجهزة الحيوية في الجسم علماً أنه يفيد غيرها .”
ويؤكد الطبيب أن بعض مروجي الأعشاب لا يفقهون شيئاً عن طب الأعشاب، ويمارسون العمل لكسب المال فقط، ويستغلون الناس المرضى بالنصب والاحتيال، رغم أنهم لا يجيدون التمييز بين الأجزاء السامة من الأعشاب والمفيدة منها .
ويحذر الطبيب أن هناك أمراض من الصعب علاجها عن طريق الأعشاب، كالسرطان والصرع والكبد والأمراض النفسية والعصبية وأمراض القلب، ويُفضل الرجوع فيها لطبيب مختص كونها حالات حرجة وخطرة .
من جانبه وليد المنديل (50 عاماً) نازح من مدينة معرة النعمان إلى مخيم عشوائي بريف إدلب الشمالي، لم تتحسن حالته الصحية عند لجوئه لطبيب أعشاب في مدينة إدلب، بل ازدادت سوءاً وعن ذلك يقول: ” كنت أشكو من تسرع في خفقان القلب، ومع تردي أحوالي المعيشية وغلاء أسعار الأدوية لجأت لطبيب أعشاب وصف لي الخل مع العسل، وبعد أسبوع من استخدام الوصفة، بدأت أشعر بآلام شديدة في المعدة .”
ويؤكد المنديل أنه راجع الطبيب فطلب منه التوقف عن تناول خلطة الأعشاب التي تسببت له بالتهاب شديد في معدته.
أجبرت ظروف الحرب الأهالي للعودة إلى الطب البديل لتخفيف آلامهم، وسط تراجع المستوى الطبي، وتدمير المشافي ونقص عدد الكوادر الطبية وانقطاع الأدوية، فانتشر خبراء الأعشاب والمتسلقين على المهنة في إدلب لاستقبال المرضى ووصف الدواء .