الوطن
السكوت من ذهب، قصة “طويلة” جدا/ أنور يونان
كنت أبكي فتسكتني أمي بتلقيمي ثديها أو بدس المصاصة في فمي حين انشغالها عني. كبرت؛ صار أبي يسكتني بنظرة صارمة أو صفعة أو رفسة على قفاي. كبرت؛ صارت المعلمة تسكتني بالعصا أو بطردي من الصف. كبرت صار الأستاذ يسكتني بالسخرية من أفكاري أو ترددي بالجواب. كبرت؛ صار الشرطي يسكتني بمسدسه… كبرت؛ صارت الجدران تسكتني بآذانها… كبرت؛ صارت المدينة تسكتني بسكوتها.
في العشرين من عمري وجدتني، وقد تحولت أطرافي الأربعة إلى حوافر، أتدافع مع أشباهي على المعلف الشحيح في مزرعة مترامية الأطراف اختفى فيها الإنسان!.