حزب “البعث” السوري.. ميت شكلا ومضمونا/ أمين العاصي
ككل عام تقام احتفالات في مناطق سيطرة نظام بشار الأسد بذكرى تأسيس حزب “البعث” في السابع من أبريل/ نيسان 1947، الذي يتخذ منه النظام السوري رداء سياسيا للتمسك بالسلطة في ظل أزمات معيشية خانقة، وانعدام الآمال بقرب التوصل إلى حل سياسي للأزمة، ما يضع سورية أمام خيارات صعبة، ومنها التقسيم الذي يطلّ برأسه بين وقت وآخر.
ورغم كل ما حدث في البلاد منذ عام 1963، حين استولت مجموعة من الضباط البعثيين على السلطة، ما يزال هذا الحزب يسوّق خطابا أحاديا، ويصر على أن “امتلاك البعث للقدرة على تطوير ذاته هو العامل الأساسي الذي عزّز قيادته للتحولات الاجتماعية والسياسية في تاريخ سورية المعاصر، وصانه من الانهيار والتراجع، كما حصل مع أحزاب كثيرة في الوطن العربي والعالم”، وفق بيان صدر عنه الثلاثاء.
في مقهى في دمشق، أعلنت مجموعة من المثقفين السوريين، أبرزهم ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، وجلال السيد، ووهيب الغانم، تأسيس “حركة البعث العربي” التي تحولت إلى “حزب البعث العربي الاشتراكي” عام 1952، بعد الاندماج مع “الحزب العربي الاشتراكي” بقيادة أكرم الحوراني.
وتبنى حزب “البعث” شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، داعيا إلى وحدة الأمة العربية، متخذا من علم الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين ضد العثمانيين في عام 1916 راية له.
وفي الثامن من مارس/ آذار من عام 1963، استولت على السلطة في سورية مجموعة من الضباط البعثيين، أبرزهم محمد عمران، وصلاح جديد، وحافظ الأسد، وأحمد المير، وعبد الكريم الجندي، وآخرون كلهم ينتمون لأقليات طائفية اتخذوا من “البعث” وسيلة للوصول الى السلطة.
واستأثر حافظ الأسد بالسلطة في عام 1970، وحيّد كل منافسيه اعتقالا أو نفيا أو اغتيالا، ثم وضع حزب “البعث” قائدا للدولة والمجتمع، وفق مادة شهيرة في دستور عام 1973 عُرفت بـ “المادة الثامنة”.
ورث بشار الأسد في عام 2000 زعامة حزب “البعث” عن والده، الذي كان حوّله على مدى 30 سنة إلى مجرد ديكور سياسي لدولة تتحكم بها الأجهزة الأمنية لترسيخ حكمه.
ولم يغيّر الأسد الابن شيئا في المشهد السياسي حتى دهمته الثورة في عام 2011، فحاول محاصرتها من خلال تغيير شكلي في الدستور أزال منه المادة الثامنة، ولكن وضع “البعث” بقي هو الواجهة السياسية للنظام الذي لم يتردد في تشكيل ميلشيا من منتسبي الحزب اشتركت في اضطهاد وقتل السوريين.
ويؤكد قيادي سابق في “الحزب” اعتزل العمل السياسي، ويقطن حاليا في منطقة شرقي الفرات، الواقعة تحت سيطرة الجانب الكردي، أن “شريحة واسعة من أعضاء حزب البعث أعلنوا معارضة واضحة للنظام الأسدي منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي”، مضيفا، في حديث مع “العربي الجديد”: “المعتقلات تشهد على ذلك”.
وبيّن أن “عدداً كبيراً من منتسبي الحزب كانوا في طليعة الحراك الثوري الذي بدأ في عام 2011″، مشيراً إلى أن “رياض حجاب (رئيس الوزراء الذين انشق عن النظام في عام 2012) كان قياديا بارزا في حزب البعث”.
من جانبه، قال الباحث السياسي محمد سالم، من مركز “الحوار السوري”، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “النواة الصلبة للنظام السوري عائلية ثم طائفية بالدرجة الأولى، ولا يوجد دور حقيقي لما يسمى بحزب البعث في مفاصل الحكم الأساسية”.
وتابع بالقول: “تراجع دور حزب البعث إلى مجرد واجهة منذ تنفيذ انقلاب حافظ الأسد في العام 1970، ليبقى فقط وسيلة للهيمنة على سورية، ولعل وقوف النظام السوري مع إيران ضد العراق في الحرب الإيرانية العراقية يمثل بوضوح توجه النظام بعكس الشعارات القومية التي يتبناها شكلاً”.
وأشار سالم إلى أن “التغوّل الإيراني ازداد في سورية بعد الثورة، وهو ما يتناقض تماماً مع أفكار وشعارات الحزب القومية العربية”، مضيفا: “حزب البعث في حالة النظام السوري مجرد قالب أجوف من الشعارات، خال من الالتزام بأي مضامين، إنه عملياً جسد ميت شكلاً ومضموناً”.
——-
/ عن موقع العربي الجديد