الوطنية أن تحيا وتبدع في الوطن- قيس الدباغ
منذ كنا صغار تعلمنا في المدارس أن معنى الوطنية أن تموت في سبيل الوطن، وبقي هذا المفهوم ملازما لنا ولمن سبقنا من الأجيال وذهب مئات الرجال ، دفعوا دماءهم ودفنت آمالهم وأحلامهم تحت التراب وتحملت عوائلهم وأطفالهم تبعات هذا المفهوم وتلك الثقافة التي عمت على عيوننا واصبحنا لانفهم الوطنية سوى الموت في سبيل الوطن والموت على حدود الوطن أو خارج سياق الوطن غير مهم ، المهم هو الموت بأي وسيلة .
في حين كان الأجدر تثقيفنا بمفهوم الوطنية الأشمل والأعلى وهو أن نحيا ليحيا بنا الوطن وأن نبدع ليزهو ويرتقي بنا الوطن وأن نجد ونجتهد ليتقدم الوطن ، والوطنية بمفهومها الإنساني وهي ان جميع ابناء الوطن هم اخوة وابناء للأب الكبير الذي يسمى الوطن وأننا جميعا متساوون في الحقوق والواجبات وإذا اراد الوطن ودعت الحاجة فالجميع جاهزون للذود عنه وبذل الغالي والنفيس من أجله ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان تفنى أجيال بعد أجيال من أجل تحقيق مطامع فرد أو حزب او جماعة وتغطى الأهداف بإسم الوطن أو الدين او غير ذلك ، قالوا لاحت رؤوس الحراب تلمع بين الروابي ولم يقولوا تعالوا نصنع اسلحة تخيف اعداء الوطن فلا يفكروا بالتجاسر على الوطن.
وما فائدة رؤوس الحراب وهي تصنع في معامل اعدائنا، هيا فتوة للجهاد ولم يعلمونا ان جهاد العمل والتفكير هو أقوى من جهاد الحرب والتدمير منذ أن فتحنا عيوننا على الحياة ونحن في حروب مستمرة واستيراد للأسلحة من الخارج لم نخترع دواء ولم نصنع طائرة مدنية حتى أبناء الوطن ذوي العقول ملونا وذهبوا ليعملوا في خارج الوطن واصبحنا نقتسم رغيف الخبز بيننا وبين الدول المصدرة للسلاح .
وكيف تقاتل عدوا وتشتري سلاحك من مصانعه المختلفة كان الاجدر بهم ان يعلمونا ان الوطنية عمل وفكر ونتاج واخلاق وتسامح وأخوة وطهارة وحقول تنتج ومصانع تبتدع ومدارس تحتضن البراعم ومستشفيات تعالج ودخل قومي يعود ريعه للجميع .
فالوطنية لم تكن يوما بندقية ورصاصة الوطنية حبة تزرع في حقل تسد جوع الفقير بغض النظر عن لون ودين وجنس هذا الفقير، الوطنية مدرسة يتعلم فيها الجميع كان الأجدر بهم ان يعلمونا أن الوطنية هي كيف نعيش اسيادا وليس الوطنية كيف نموت عبيدا وعذرا لكل شعراء الوطنية الذين لايعرفون الفرق بين الكلاشنكوف وبين السيمونوف ولا الفرق بين الهاون والجاون .
الوطنية حقول خضراء واسعة ومساحات مليئة بالزهور ومواطن يخرج من بيته الى عمله مطمئن متعطر بالكرامة ورأسه مرفوع واذا شاهد شرطيا حياه بكل فروسية ولم يعبر للجهة الثانية من الرصيف خوفا وخشية من تشابه الصور والأسماء الوطنية ماء اسالة نظيف وشارع خال من المطبات وخدمات راقية وحفظ كرامة وقانون عادل وقضاة لاتأخذ بالظن واستخبارات تحفظ الأمن وتلاحق المجرمين فقط ،كل هذا تراه في بلاد غير بلادنا لقد خدعنا الثوار والوطنيون.
وانا لله وانا اليه راجعون .
——–
/ عن موقع : https://www.azzaman.com