المنظور النسوي لإعادة إعمار الشمال السوري/ فادي عيبور (*)
القضاء على أشكال التمييز كافة ضد النساء والفتيات لا يمثل حقاً أساسياً من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضاً عامل حاسم في التعجيل بتحقيق التنمية المستدامة. وقد ثبت مراراً وتكراراً أن تمكين النساء والفتيات له أثر مضاعف، ويساعد على دفع النمو الاقتصادي والتنمية في جميع المجالات.
ولذلك، ومنذ عام 2000، أصبحت المساواة بين الجنسين محوراً أساسياً لجهود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جنباً إلى جنب مع المنظمات الأخرى في الأمم المتحدة وبقية المجتمع العالمي.
ما هو مفهوم إعادة الإعمار؟
إن استراتيجية “إعادة الإعمار والتنمية لفترة ما بعد النزاعات” هي مجموعة شاملة من الإجراءات الساعية إلى تلبية احتياجات الدول الخارجة من النزاعات بما في ذلك احتياجات السكان المتضررين، والحيلولة دون تصاعد النزاعات وتفادي الانتكاس إلى العنف، ومعالجة الأسباب الجذرية للنزاع وتدعيم السلام المستدام. وتعتمد استراتيجية إعادة الإعمار على أربع ركائز أساسية هي: الأمن، والعدالة والمصالحة، والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، والحوكمة والمشاركة، وهذا يعني أن مفهوم إعادة إعمار المناطق المدمرة لا يتوقف على الشق الاقتصادي وحده كإعادة تأهيل قطاعات الإنتاج من زراعة وصناعة وخدمات، ولا يعني فقط إعادة بناء شبكات الطرق والجسور والأنفاق التي لحقها دمار واسع وشبكات المياه والكهرباء وغيرها، بل يُعنى بالإنسان؛ المتضرر الأكبر من هذا النزاع، الجريح وعائلة القتيل، اللاجئ والنازح والمعتقل، بالإضافة إلى عملية المصالحة وضمان الاستقرار وعدم تدهور الأوضاع من جديد، وقيادة مرحلة جديدة تؤسس لما بعد الصراع.
نظرة تاريخية الى مشاركة المرأة في إعادة الاعمار في ألمانيا:
خسائر الحرب البشرية:
تُعتبر الحرب العالمية الثانية الأكبر بالخسائر والأعلى بالتكاليف في تاريخ الحروب. ورغم عقود على نهايتها ما تزال ألمانيا تجد نفسها إلى يومنا هذا في مواجهة مطالب بدفع
تعويضات للضحايا. إليكم أجوبة على أهم الأسئلة.
من جانبها قامت شركة متلايف للتأمين على الحياة بتقدير لحجم الخسائر البشرية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية مع نهاية عام 1946 ليصل إجمالي الخسائر العسكرية فقط إلى 3,250,000 فرد، بقيت هذه التقديرات مُعتمدة دون مساس حتى العقد التاسع من القرن العشرين عندما أجرى المؤرخ الألماني روديغر أوفرمانس اعتياناً للإحصائيات المدوّنة بسجلات مكتب البحوث العسكرية الألماني وقام بنشر نتائج دراسته تحت عنوان الخسائر العسكرية الألمانية في الحرب العالمية الثانية بالألمانية:
(Deutsche militärische Verluste im Zweiten Weltkrieg) التي قدّر فيها حجم الخسائر الألمانية بنحو 5,300,000 فرد، مُشيراً إلى أن الإحصائيات الألمانية الصادرة عن القيادة العليا هي إحصائيات غير دقيقة نتيجة لما عانته المؤسسة العسكرية الألمانية من فوضى خلال المراحل الأخيرة من الحرب.
فقد دمر ثُلثا البلاد بالكامل، خاصة المدن الكبرى التي سويت أكثر من نصف مساكنها بالأرض، وفقدت 3.3 مليون عسكري، و3.8 مليون مدني، وبلغ عدد أسرى الحرب الألمان نحو 11 مليون أسير، بقي 6 ملايين منهم في المعسكرات السوفييتية حتى عام 1948.. وأرسلت قوات الحلفاء عدة ملايين من الأسرى الآخرين إلى كل من فرنسا وبولونيا وإنكلترا للعمل بالسخرة من أجل إعادة بناء هذه الدول وإصلاح ما دمره الجيش النازي.
ووجد من تبقى من سكان ألمانيا أنفسهم مضطرين لاستقبال نحو 25 مليون لاجئ من أصول ألمانية فرّوا من المناطق التي كانت خاضعة للرايخ الألماني في بروسيا، وبومرن، وشليزيا، والسوديت في شرق أوروبا، وبولندا، والتشيك.
سواء قبلنا بالإحصاء القديم أم سلمنا بصحة الإحصاء الحديث ما يهمنا هو أن الخسائر البشرية كان غالبها، بل لنقل الغالبية الساحقة من الذكور، هذا خلق خللاً في ميزان التوازن النوعي في التوزع الديمغرافي على أساس الجنس. وهذا يدل بالضرورة أن الحرب تركت للنساء في ألمانيا تركة ثقيلة من التدمير والخراب، ما دفعهن مضطرات أو مخيّرات إلى استلام زمام المبادرة في إعادة أعمار ألمانيا.
(كان عدد سكان ألمانيا بعد الحرب 27 مليون، 20 مليون منهم نساء).
الخسائر الاقتصادية:
زيادة على فاتورة الحرب العالمية الثانية التي دفعت ألمانيا الجزء الكبير منها، لحقتها لعنة الحرب لتدفع نفقات باهظة بعد أن وضعت الحرب أوزارها. مباشرة بعد انتهاء الحرب شرعت القوى المنتصرة وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي في اقتلاع المنشآت الصناعية الألمانية في مناطق الاحتلال ونقلها إلى بلدانها. كما صادرت تلك القوى ممتلكات ألمانية في الخارج وبراءات اختراع. وتم توجيه طلبات إلى ألمانيا فيما بعد لتقديم تعويضات عندما بدأ الاقتصاد الألماني يتعافى. وحتى الآن دفعت جمهورية ألمانيا الاتحادية طبقاً لحسابات المؤرخين الألمان 951 مليار يورو تعويضات، بينها 76.7 مليار يورو تعويضات فردية. ومثال على ذلك حصلت دولة إسرائيل في 1952 على ثلاثة مليارات مارك لصالح اللاجئين اليهود من ألمانيا بالإضافة إلى 450 مليون مارك لمؤتمر التعويضات المادية لليهود من ألمانيا لصالح ضحايا المحرقة خارج إسرائيل .
نساء الأنقاض:
أضحت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بقعة شاسعة من الخراب، يسكنها عدد هائل من المشردين والجوعى، 40% من البنى التحتية تدمرت بشكل كامل، أي ما يقارب من نصف المصانع والمدارس والمستشفيات وغيرها من المؤسسات، وكان هناك حوالي 400 مليون متر مكعب من الأنقاض.
في ظل هذه الكارثة، ظهرت “لويزا شرودر” السياسية في الحزب الاشتراكي، مناديةً بالبناء والتعمير للنهوض بالبلاد، والتخلص من هذا الوضع المزري.
قامت لويزا بجمع النساء وحثهم على المشاركة وبث الحماس فيهن للنهوض بألمانيا، وأطلقت على هذه الحركة اسم “نساء الأنقاض”، لاقت الحركة ترحيباً قوياً من النساء اللاتي خيّم الحزن على قلوبهن، لما حلّ بهنّ، فالمرأة الألمانية في تلك الفترة إمّا أمٌّ ثكلى، أو أرملة، أو طفلة يتيمة.
خلال السنوات الأولى التي أعقبت الحرب؛ فقدت العملة الألمانية (المارك) قيمتها ومكانتها كعملة متداولة، وكان التعامل يجري غالباً بعملات دول الحلفاء المكلفة بإدارة المناطق اﻷربع التي قسمت إليها الدولة الألمانية بعد استسلامها عام 1945، وهذه الدول هي: الاتحاد السوڤييتي – الولايات المتحدة – بريطانيا – فرنسا.
بريطانيا فرضت على الألمان كتابة: (صُنع في ألمانيا) على منتجاتها لكي تباع بسعر رخيص، لكن هذا الشعار سرعان ما تحول إلى رمز للجودة والحرفية العالية في كل أنحاء العالم، بسبب براعة الألمان وأمانتهم، وتفانيهم وإتقانهم لعملهم.
هذه الرواية الرسمية التي تبنتها الحكومة المركزية في ألمانيا فيما يخص إعادة إعمار ألمانيا، إلا أن الباحثة الألمانية وجدت رواية مختلفة تماماً لمفهوم إعادة الإعمار، سواء اتفقنا معها أم اختلفنا، إلا أن المنفّذ الحقيقي لإعادة الإعمار هو نساء ألمانيا لاسيما وأنهن كن يشكلن ثلاثة أرباع الناجين من الحرب، والمستعدين للاندماج بالمجتمع (من حيث العمر ومن حيث الكفاءة).
معجزة النهوض الاقتصادي الألماني:
لقد تمكن الألمان الغربيون خلال خمس سنوات فقط من العمل الدؤوب والشاق من التغلب على تحديات جمة ونجحوا بوضع بلادهم المدمرة على طريق الانطلاق الاقتصادي الصحيح.
ونجح ( لودفيج إيرهارد) وزير الاقتصاد في حكومة المستشار (كونراد اديناور) أبو المعجزة الاقتصادية الألمانية، في فرض سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي التي أصبحت نموذجاً ألمانياً يحتذى به.. حيث تمكن من المحافظة على عناصر السوق الحرة وآلياتها التي تحدد الأسعار وفقاً “للمنافسة والعرض والطلب” مع وجود دور للدولة كراعٍ للمصلحة العامة، تتدخل حين الضرورة لمنع كل أشكال الاحتكار.
وبفضل المعجزة الاقتصادية تحول المجتمع الألماني إلى مجتمع حديث منتج خدمي استهلاكي. نمت معه الطبقة الوسطى وارتفع فيه مستوى الطبقات الدنيا من فلاحين ومهنيين.. وتآكلت فيه الحدود بينهما، كما تضاءلت الفروقات بين المدينة والقرية.. وتكون أساس اجتماعي متين يسمح بالتعددية السياسية، ما سمح بإقامة نظام ديمقراطي على أسس سليمة.. على عكس ما كان يتبناه بعض سياسيي ألمانيا في مرحلة ما بعد الحرب من ضرورة فرض سياسة اقتصادية مركزية لإنقاذ البلاد.
مشاركة فعالة للنساء على مستوى التخطيط والتنفيذ في إعادة الإعمار في شمال سورية:
إن الحروب والكوارث، رغم آلامها ومآسيها، خلَقَت دوما فرصاً لكي تصل النساء إلى المساواة والحقوق، وهذا يأتي من كون المرأة تأخذ من جراء ظروف الحرب دوراً اقتصادياً وريادياً أكبر لكثيرٍ من الأسر.
خاصة أن الرجال كانوا على جبهات القتال مع هذا الطرف أو ذاك، وأصبحت النساء في كثير من الأحيان معيلات للأسر. إن التوسع الأخير في أعمال النساء لا يعوِض إلا جزءاً يسيراً من تقلص فرص النشاط الاقتصادي للمرأة خلال الحرب.
بات متوقعاً أن المرأة السورية ستكسب استقلالية اقتصادية بشكلٍ واسعٍ بعد انتهاء الصراع. لاسيما وأنها أصبحت مضطرة
للعمل بعد أن كانت مخيرة بالعمل والاندماج في المجتمع فيما سبق.
إن معظم الدراسات وتوجهات الأمم المتحدة عن حالات إعادة الإعمار بعد الحروب تتفِق أن أفضل السبل والنتائج تأتي حين يقوم أبناء البلاد وبناتها أنفسهم بإعادة الإعمار. والفرق شاسع في إعادة بناء البشر وإعادة بناء الحجر، فالحجر والبناء قد تتكفّل به شركات إعادة الإعمار الخارجية مقابل مصالحها.
أما إعادة بناء البشر، فهو دور اجتماعي لن يكون من هو أفضل وأكثر اتقاناً في صناعته من العنصر النسوي. لاسيما وأن مجتمعاتنا الشرقية والعربية مشهورة بذلك، وتجربتها بذلك عريقة وقديمة.
وقد اندمجت المرأة وأثبتت نجاحاً في تحمل مهماتها في المسؤولية الاجتماعية في القطاعات كافة الصحية والتعليمية والتوعوية بالإضافة للإغاثية.
والشمال السوري ليس كمثله في مناطق سيطرة النظام من حيث عدم التوازن في النوع الاجتماعي الذي يعود إلى عمليات الهجرة الخارجية أو الهجرة الى الشمال أو الاعتقال أو الانخراط في العمليات القتالية التي كان أغلب حصيلتها من الرجال.
ففي حين نجد أن نسبة الإناث هي 51.5 % مقابل 48.5% للذكور. حسب تقرير مكتب الدعم الإغاثي في الأمم المتحدة الصادر عام 2020. نرى هذه النسبة مختلفة اختلافاً كبيراً بمقارنتها مع مناطق سيطرة النظام التي تشكل النساء فيها ما يزيد عن 68% من نسبة التعداد السكاني للسوريين في تلك المناطق.
الكوتا النسائية في مشاركة المرأة في إعادة الإعمار:
خيارات دور نساء سوريا مع بروز أفق نهايات الحرب تعود في الحقيقة إلى:
أولاً: بالدرجة الأولى لنساء سوريا وحدهن، انطلاقا من الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي سيرافق هذه المرحلة. وعليهن اختيار شكل مساهمتهن الاقتصادية مع توقف تدفق أموال الحرب على المقاتلين وتصاعد الضغوط المعيشية على جميع الأطراف للرضوخ لرغبات الدولة الداعمة لها. وهن سيخترنَ سبل المساهمة في كيفية إعادة التواصل الاجتماعي بين مناطق تخندق أهل كل منها في ذهنيته الخاصة وأوهامه. وفي المحصلة ستقع على كاهلهن المهمة الصعبة في اختيار كيفية حشد جهودهن كنساء لكي يكون لهن صوت في صنع سوريا ما بعد الحرب. فلا حقوق تؤخَذ دون فعل جماعي.
ثانياً: منظمات المجتمع المدني: كما هو معروف بأن المجتمع تحكمه ثلاثة قطاعات لا رابع لها، وهي القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، وقطاع المنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني أو كما يسمى بالقطاع الثالث. وهذا القطاع الذي نتحدث عنه لا يقل أهمية عن دور القطاع الحكومي، من حيث حجم القطاعات التي يمكنه أن يساهم بها ومن حيث أهدافه الإنسانية وغير الربحية. وكما هو معلوم بأنه يكاد يكون هو المحرك الوحيد لميزانيات بعض الدول بعد الأزمات والحروب، بل ويتحمل مسؤوليات مجتمعية شبيهة بالدور الذي ممكن أن يتحمله القطاع العام، كما يحدث في حكومة السلطة الفلسطينية في أوائل سنوات الإعلان عنها. وكما يحدث حتى اليوم في الدعم الإغاثي الذي تقدمه منظمات المجتمع المدني لمواطني الاحتلال الإسرائيلي.
ثالثاً: القوة الدستورية: وذلك من خلال تأكيد هذا الحق بل وهذه الكوتا التمثيلية النسائية في الدستور الجديد، وجميع الشروحات التي تنتج عنه، بل وجعلها ثقافة مؤسساتية، نابعة من واقع الحال، وليس أعطية تمنح للمرأة كنوع من اللباقة المجتمعية. وهذه تحتاج للبندين السابقين. كطرفين في تحصيل هذه الأداة، بل واستحداث استراتيجيات من رحم التجارب المجتمعية في المجتمعات المشابهة لاستحقاق المرأة لهذا الحق.
رابعاً: البعد الاجتماعي مع الجوار التركي: بالاستفادة من حالة التوازن الاجتماعي التي تعيشها تركيا والاستفادة من تجاربها، كونها الأقرب إلى الشمال السوري، بل وهي الشريان الوحيد له. والاندماج الاجتماعي الذي نشهده بين المواطنين السوريين والمواطنين الأتراك، والتقارب بين الشعبين في العادات والتقاليد، والمناسبات والأيديولوجيات. فنرى التفوق النسائي في التمكين المجتمعي في البرلمان والمجالس المحلية (رئيسة بلدية ولاية عينتاب نموذجاً) ومجالس المخاتير والوظائف العامة بجميع القطاعات.
خامساً: فرص التعليم والتوعية: انتشار المدارس ومراكز التوعية والانتساب للمؤسسات التعليمية سواء تلك التي تتبع مباشرة لوزارة التعليم للحكومة المؤقتة، أو تابعة لمنظمات المجتمع المدني، ولكنها تعمل تحت مظلة وزارة التربية. ثم توفر فرص التعليم الجامعي والعالي للفتيات، سواء بجامعات هي فروع لجامعات تركية (جامعة عينتاب، حران، جامعة اسطنبول للعلوم الصحية) وقريباً (فرع جامعة ماردين ارتقلو)، بالإضافة لجامعات أهلية، (جامعة الشام، وغيرها) والجامعة التابعة لوزارة التعليم العالي للحكومة المؤقتة (جامعة حلب الثانية، وغيرها).
استراتيجيات ضرورية في رعاية المرأة:
من الأمور التي يهتم بها القطاع الإنساني، عدة أمور بما يخص الاهتمام ورعاية المرأة وهي:
تمكين المرأة: (Woman Empowerment) إن عملية تمكين المرأة يمكن تعريفها بعدة طرق، منها، قبول رأي المرأة أو بذل جهد للبحث عنه، ورفع مكانة المرأة من خلال التعليم، والتوعية، ومحو الأمية، والتدريب. إن تمكين المرأة يسمح لها باتخاذ قرارات مصيرية بشأن المشاكل المختلفة في المجتمع. مشاركة المرأة: (Woman Participation) : للمرأة حق أساسي في المشاركة في جميع عمليات صنع القرار السياسي، بما في ذلك عمليات السلام على جميع المستويات. إن إشراك النساء في عمليات السلام يضيف نطاقاً أوسع من وجهات النظر ويعزز قدرة صانعي السلام على معالجة اهتمامات مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، التي ثبت أنها تؤدي إلى سلام أكثر استدامة. ومع ذلك، غالباً ما تكون المرأة ممثلة تمثيلاً ناقصاً أو مستبعدة من عمليات السلام الرسمية. لذلك، يحتاج الوسطاء إلى تعزيز التفاهم بين أطراف النزاع لقيمة مشاركة المرأة.
اندماج المرأة: (Woman Engagement)
الغرض من المشاركة المجتمعية هو تعزيز دور المرأة وإعدادها كمواطنة متعلمة وملتزمة بقضايا مجتمعها؛ بالإضافة إلى تعزيز القيم الديمقراطية والمسؤولية المدنية؛ معالجة القضايا المجتمعية الحرجة ؛ والمساهمة في الصالح العام.
شراكة المرأة: (Woman Partnership): هي مشاركة المرأة للرجل على حد سواء في تحمل الأعباء، وتقاسم المكاسب، وتوزيع الجهود والمسؤوليات والصلاحيات في جميع القطاعات المجتمعية والخدمية والاقتصادية والاجتماعية.
الحلول المقترحة لاندماج المرأة المجتمعي:
من الأوليات التي يجب الاهتمام فيها في مرحلة إعادة الإعمار افتتاح مراكز جديدة بما يخص رعاية النساء وشؤونهم سواء الصحية أو التثقيفية والتوعوية، ومراكز الرعاية النفسية، بالإضافة إلى المراكز التعليمية.
1- المراكز الصحية: وهي مراكز تتعلق برعاية المرأة من الناحية الفيزيولوجية ومتابعة حالتها الصحية، وكل ما يتعلق بقدرتها الإنجابية، احتراماً لدورها كأم وزوجة في المجتمع، ولخصوصية وضعها الطبي في هذه النواحي. وذلك من خلال إما افتتاح مراكز رعاية الأمومة أو النساء أو الاهتمام بها عبر إنشاء مكاتب متخصصة ضمن المراكز الصحية القائمة بالفعل.
2- المراكز التوعوية والتثقيفية: التي تعني الاهتمام بثقافة المرأة سياسياً ومجتمعياً وقانونياً، من خلال مراكز ثقافية ومراكز توعية سياسية، وندوات قانونية وتثقيفية. والتركيز على الانتشار في المناطق الريفية والنامية، وكان هناك تجربة ناجحة لذلك في (مركز مكاني) في إدلب، الذي تحول إلى قبلة لجميع نساء المنطقة للاستفادة من سلاسل التوعية والتثقيف والتعليم والتدريب المهني.
3- المراكز التعليمية والتدريبية: وهي المراكز الثقافية، والمؤسسات التدريبية التي تساعد المرأة في الاندماج والوعي والمشاركة في صنع القرار، بل وتحمل المسؤوليات، وفوق ذلك الانضمام للتدريبات المهنية التي تجعل منها امرأة قادرة الانخراط في التعليم المهني. وإنشاء المشاريع الخاصة، مثل مشاريع رائدات الأعمال. وهناك نماذج رائعة لسيدات أعمال ورائدات أعمال ناجحة في غازي عينتاب واسطنبول، وهناك أضعافها في الشمال السوري، لاسيما أن تكلفة إقلاع المشاريع في شمال سورية منخفضة جداً مقارنة شبيهاتها في المدن السورية.
4- الحلول الدستورية: من خلال تخصيص كوتا نسائية لإتاحة الفرصة لهن في المشاركة في اتخاذ القرار في جميع المهام والمسؤوليات، وإعطائها أولية في التوظيف لاسيما إذا كانت أكثر كفاءة من الرجل، في بعض المواقع أو بعض الوظائف.
5- التثقيف السياسي والحقوقي لها في القوانين التي تنص على حقوقها، وواجباتها على حد سواء. وزيادة الوعي السياسي لديها في قضايا المجتمع من جهة، وفي القضايا السياسية والدولية والعلاقات العامة، والعلاقات الدولية.
——–
(*) فادي عيبور : دكتور محاضر في جامعات في تركيا، متخصص في الشؤون الاقتصادية والإدارة الاستراتيجية.
/ عن موقع “نينار برس”