وحدة “وطنية” مباركة بين الأسدية والاسلاموية ..! / ربا منصور
عام 2014 كتب نبيل فياض سائلا , البعثيون أم الأصوليون ..من دمر سوريا ؟, حتى في عام 2014 كان الدمار شبه كامل ,, وبهذه المناسبة اريد اعطاء رقم عن حجم الدمار المادي الذي حدث بعد 2011 وحتى الآن , لقد دمرت السلطة بالاشتراك مع الفصائل المسلحة حوالي ٧٠٠ مليار دولار , أي مايعادل تقريبا أكثر من مئة ضعف الميزانية العامة لمدة سنة(تتراوح الأرقام المعروفة عن حجم الميزانية بين ٤مليارات و١٦ مليار ) , أي ما يعادل اضعاف أضعاف مسروقات رامي مخلوف , وأضعاف أضعاف مسروقات رستم غزالة .. وأضعاف أضعاف مسروقات رفعت الأسد وهكذا …. , الا أن هناك من سرق أكثر مئات المليارات ,نتائج الجرد الذي تم عام ٢٠١٤ أظهر بأن المسروقات كانت أعلى من تكاليف الحرب الأهلية الحرب , فالحرب الأهلية كانت حتى عام ٢٠١٤ أرحم من لصوص سوريا , .
الخسائر اضافة الى ذلك جسدية ونفسية واجتماعية وأخلاقية وسياسية ومستقبلية , اذ أن سبب تطورات السنين السبعة الأخيرة كان فساد وقصور في الحاكمية خلال أربعين عاما , للاصلاح ستحتاج سوريا في أحسن الأحوال الى أربعين عاما أخرى بعد سقوط السلطة وسقوط الاسلام السياسي , وكلما استمرت السلطة والأصولية سنة اضافية بالتخريب , ستحتاج البلاد الى أربع سنوات اضافية للترميم ,
لو سألنا الاخونجي المعسكر عن أسباب الدمار السوري , لقال لك سبب الدمار هو الاستبداد البعثي , وهنا تجدر ملاحظة , وهي صحة كون البعث مسؤول عن سوريا فسادا.. استبداد.. ورقيا أيضا وذلك لفترة قصيرة نسبيا , وقد انتهى دور البعث سياسيا قبل عشرات السنين , وحتى وجود البعث تقلص تدريجيا بعد عام 1970 , ومنذ أكثر من عشر سنوات لايوجد بعث , وانما يوحد آل الأسد , والحكم ليس بعثي الآن وانما أسدي بامتياز .
لو سألنا البعثي ولاحقا الأسدي عن أسباب الدمار , لقال ان المسبب هي الأصولية السنية , ولا أصوليىة غيرها , على كل حال , فان محاولة تحليل هذه المقولات عقيمة , ذلك لأن الأطراف المعنية بالدمار لاتفكر الا بشكل قطعي , وقطعية الفكر هي الغاء لوجوده , ولا يمكن لمن تحجر في الآية والحديث أن يعترف بأي خطأ, لأن ذلك يمثل طعنا بالله , كما أنه لايمكن للأسدي القطعي أن يعترف صادقا بأي خطأ , لأن ذلك يمثل طعنا بالمتأله , وللأمانة يجب الاعتراف بأن كل جهة تعترف “كلاميا شكليا ببعض الأخطاء , الا أن هذا الاعتراف لايمثل الا “خدعة” فالذي يعترف حقيقة بالخطأ عليه محاولة اصلاحه , وحالة الدمار التي توجد بها البلاد الآن لاتوحي بالاصلاح وانما تؤكد استمرار التخريب .
ليس غريبا أن تخرب الأصولية المسلحة بالاشتراك مع الأسدية المسلحة البلاد , وليس غريبا أن يكون هذا التخريب عملاقا , ذلك لأن الأصولية المسلحة غير مؤهلة فكريا لأن تتفاعل مع الغير الا في التخريب , فالبناء غير ممكن على قواعد أكل الدهر عليها وشرب , والبيت الذي يبنى على الرمل ينهار , وحال الأسدية ليس أفضل , وما يميزها عن الأصولية المعسكرة هو ان تخريبها المرتكز على منهجية الفساد مبرهن عليه , فالأسدية تحكم منذ أربعين عاما , واليوم نرى البلاد حطام , لذا لايمكن هنا اللف والدوران , أصولية الفساد الأسدية المعسكرة خربت البلاد بالاشتراك مع الأصولية المعسكرة الأخرى , وبفضل هذا الحلف قطعت البلاد شوطا كبيرا في التحول الى خربة , وسجلت في هذا الخصوص رقما قياسيا .
قد يشك احد في وجود هذا الحلف , اذ كيف يتذابح الحلفاء بالشكل الذي نعرفة من عام 1982؟الجواب بسيط , سبب التذابح الأساسي كانت الكرسي , وتوزيع الغنائم , والحياة المشتركة الأصولية السنية -الأسدية الشيعية تعرف فترات طويلة من الوفاق والوئام , ولحد الآن !, فرغبات مسقط الأمطار والعارف بالأسرار الشيخ البوطي كانت أوامر يجب تنفيذها بالحال ,والبوطي كان مقتنعا وراضيا عن الطريقة التي يتم بها تقسيم الغنائم, بينما غيره من الأصوليون غير راض عن ذلك , وهنا هو لب وقلب الاشكالية بين الأصوليتين .
لقد كان على الأصولية البعثية-الأسدية ممارسة الاستبداد للاستئثار بمقدرات البلاد , منعت كل لسان من التكلم, وكل عقل من التفكير, وكل حرية وديموقراطية من الممارسة , الا أن المساجد بقيت مفتوحة للأصولية الأخرى , التي مارست بها تربية الأجيال , والأصولية البعثية-الأسدية ساعدت الأصولية الأخرى , فالتاريخ السوري لايعرف تصاعدا في عدد المساجد شبيه لتصاعد هذا العدد تحت اشراف الأسد , وأصولية البعث -الأسد افرغت البلاد من السياسة (كما فعل شاه ايران ) تماما , وانقراض السياسة أو انحسارها , ترافق تلقائيا بتضخم المد الديني , الذي ملأ الشاغر السياسي , نتيجة ذلك نحن الآن بصدد مجتمع ذو انتماء طائفي نشيط يرقص على اشلاء الانتماء السياسي , الذي اعطاكم عمره , ويجدر هنا التذكير , بأن المد الديني لم يقتصر على فئة دون الأخرى , للمد الديني رجل سنية وأخرى علوية , لذا فان تطييف الوعي الاجتماعي كامل وشامل تقريبا .
اذا كان الاستبداد البعثي-الأسدي ضروري لنمو الأصولية الدينية التي تتمركز في المساجد , فان الأصولية السنية أو الدينية بشكل عام ضرورية للأصولية البعثية-الأسدية , ولكي تتمكن أصولية البعث -الأسد من ممارسة التخويف من الأصولية الدينية بشكل يضمن لها مايكفي من مبررات لتسويق الاستبداد وبالتالي المقدرة على ممارسة الفساد , ولتسويق الاستبداد هناك شعارات معروفة نسمعها كل يوم عشرات الألوف من المرات … من أجل صيانة الوحدة الوطنية ..من أجل محاربة الطائفية ..من أجل الوقوف في وجه الظلاميين والتكفيريين ..من اجل الممانعة والمقاومة , من أجل دحر تآمر الخليجيين والسعوديين الوهابييين , ومن أجل محاربة الصهيونية .. الخ
هناك “انتفاخ” وتورم أصولي على الجهة السنية وعلى الجهة الأسدية الشيعية , ولا يمكن أن يكون لهذا الانتفاح من سبب سوى تعاونهم مع بعضهم البعض عمليا , للتمويه يتم تبادل الشتيمة والسباب !