أزمة أخلاق النصوص .. / ممدوح بيطار – ربى منصور
لا تساعد النصوص المؤمنين على تهذيب غرائزهم، خصوصا الجنسية منها، لذلك هناك أزمة أخلاق في النص , خاصة بما يتعلق بموضوع الغرائز الجنسية, وتشريع اشباعها بطرق تتنافى مع إنسانية الانسان في هذا العصر.. ., فكل شئ محلل للمؤمن الذكر بما يخص غرائزه الجنسية, التي تحولت الى هدف حياته الأرضية, ومضمون حياة الآخرة الموعود بها,هذا الأمر وغيره كان من العوامل , التي اوصلت الشعوب والجماعات في هذه البلاد الى اشكالية صعبة الحل,
تعرف حياة الانسان مرحلة تسمى المرحلة الغريزية , التي تمتد من الولادة حتى سنين التمايز الجنسي , أي حتى عمر الستة او السبع سنوات , بعدها تأتي المرحلة “السياسية ” أي المرحلة التي يتم بها بناء الانسان ثقافية وعلميا وأخلاقيا وتربويا … ففي هذه المرحلة يتم تهذيب الغرائز ووضعها تحت سيطرة العقل , وما ينتجه العقل من أحكام , فقدان المرحلة السياسية بسبب ضعف المدرسة أوضعف الأسرة أو ضعف المجتمع او الدولة أو مؤسسات التربية وغيرهم , يقود الى بقاء الانسان في مرحلة الطفولة الغريزية , التي لم تتهذب ولم تتحضر ولم توضع تحت اشراف العقل , لذلك يبقى الانسان “طفلا” غريزيا مهما بلغ من العمر.
يتم أفساد المرحلة السياسية …أي مرحلة البناء والتربية , عن طريق تهجين الجنس وتحويله الى المضمون الرئيسي للحياة على الأرض, ومضمون الحياة المنتظرة بعد الموت , وذلك عن طريق تلقين النصوص والتقيد الأعمى بمضامينها , عندها يتحول المخلوق البشري الى مكنة “نكاحة”, الى فحل او عجل نكاح …وانكحوا ماطاب لكم !! , وما يطيب للانسان بدون عقل او بعقل ضامر مشلول ليس سوى تلبية مطالب غرائزه وشبقه ونكاحه وفحولته , حتى بالفحولة الشكلية , التي تمارس باللسان أي بالكلام بالدرجة الأولى , كالادعاء بوجود مخلوق بشري يطوف كل ليلة على العشرات من نسائه , ويعاشرهم جنسيا , واحدة تلو الأخرى , في اطار ” تقني ” بدون أي مشاعر , ادخال واخراج ثم رعشة , والى الثانية وهكذا , هنا يتحول الجنس من أسمى وأرقى اشكال الحب الى ادنى أشكال الحيوانية الممارسة للنكاح “التقني” الغريزي البحت,
يضطر المؤمن أحيانا ان يتخلى عن احترامه لنفسه, لكي يطبق أحكام النصوص , كأن تأمر النصوص المؤمنين بضرب زوجاتهم ان لم يخضعوا لارادة ورغبة الزوج بخصوص الممارسة الجنسية , ويقولون ان الضرب هو تنفيذ لوصية الاهية …(واللاتي تخافوا نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع و اضربوهن) , ان في هذا المثال تخلي الشخص عن احترامه لنفسة , عن طريق ضرب المرأة “الممانعة المستنكفة” , وذلك من أجل تنفيذ مضمون وصية الهية منحطة , ومنحط من كتبها وروج لها كان من كان…
وبنفس اللاخلاقية يقول كتاب الله الكريم , أن الله أمر بتطليق زينب من زوجها ليزوجها الى ممثله على الأرض, والذي هو عمها ابو زوجها ,الذي اشتهاها بسره ,فعمل إلهه على تشجيعه باطلاق العنان لغرائزه , بدلا من ضبطها وتهذيبها , تقول الآية , التي يصعب تقبلها أخلاقيا بكل فجاجة وفجور ” فلما قضى زيد منها وطرا زوجنكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج “المناسبة مفجعة وعواقبها مثل منع التبني كانت أشد فجاعة بدرجات !
منطق النصوص متأزم لأنه منفلت من ضوابط الارادة العقلانية الهادفة الى تحويل كل ممارسة لخدمة الانسان, بنفس المنطق المتأزم اخلاقيا ,يشجع الكتاب المنزل الميول الغرائزية المنفلتة من ضوابط الإرادة العقلانية , لذا تحول ابن عبد الله الى نكاحا عاما لكل النساء القريبات والسبيات ولكل من ترغب أن تهب جسدها لأشرف خلق الله ,انه نوعا من الدعارة المنفلتة .
تقول الآيات الغارقة بأزمتها الأخلاقية باحتقار المرأة وبحذف عقل الإنسان وإرادته الواعية لصالح غريزته الجنسية المنفلتة والتي لا يشبعها شئ ( يا أيها النبي انا احللنا لك ازوجك التي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما افاد الله عليك وبنات عمك وبنات عمتك وبنات خالك وبنات خلتك التي هاجرت معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين… وما ملكت أ يمنهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما), هذا على الأرض , أما في السماء فتصل ازمة الاخلاق الى ايهام المؤمنين بوجود نكاح الجنة مع ٧٠ حورية دائمة العذرية , لكل مجاهد قاتل في سبيل الله , أليس من العيب مكافأة من يقاتل ويقتل !, غريب أمر ذلك الله !, الذي لم يكتف بكل ذلك ,بل حول المرأة الى مجرد سلعة للبيع والشراء , وسمح بتزويج الطفلات والقاصرات , ثم ممارسة جهاد النكاح , الذي ابدعت داعش في ممارسته …
كل ماذكر , وهناك الكثير مما لاتتسع الصفحات لذكره , يمثل أزمة أخلاقية النصوص, المعبرة عن ثقافة عدم المقدرة على ضبط وتهذيب الغرائز ,قال الاستاذ محمد مجتهد شبستري , أستاذ الفلسفة في كلية أصول الدين في جامعة طهران , ان دينا لايستطيع عرض قيمه بصورة سليمة , هو دين يعيش في أزمة, انها ازمة الجنس وأزمة الانحطاط والتأخر والبدوية والعنف والارهاب وافشال السياسة بالدين ثم افشال الدين بالسياسة…الخ ,كل ذلك بالرغم من كون الطبيعة البشرية لهذه الشعوب بشكل عام , لاتختلف عن طبيعة باقي البشر, هذه الشعوب مكونة من مخلوقات ناطقة ..ضاحكة ..باكية .. حالمة …ذكية …غبية الخ , لذا فان ماوصلت اليه هذه الشعوب لايعود الى طبيعتها البشرية , انما الى تطبعها بمضمون العقائد , التي تمكنت للعديد من الأسباب من استعمارها واستلابا ارادتها .
أي عقيدة , مهما كانت صالحة في سياق تاريخي معين , تفقد تلك الصلاحية بفعل الازمان , أحكام القرن السابع ليست كاملة متكاملة وليست صالحة لكل زمان ومكان , قال الاستاذ شبستري اضافة الى ذلك محذرا , ان لم نحقق المراجعة الفكرية المطلوبة , فاننا سندفن في هذا العالم ..