الوطن

“نفوذها أقوى من جيش النظام”.. إيران تعمق جذورها في شرق سوريا

قال تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، الجمعة، إن إيران بدأت تعمق جذورها في شرق سوريا وبالتحديد محافظة دير الزور الاستراتيجية، وتتنافس مع نظام الأسد لتجنيد مقاتلين جدد، بهدف تعزيز النفوذ الإيراني وإبراز قوة طهران عبر المنطقة.

يشير التقرير إلى أن الجيش السوري فتح عدة مكاتب في محافظة دير الزور الشهر الماضي لتجنيد مقاتلين، لكن المفاجأة كانت أن الإقبال كان شبه منعدم.

وفقا لموقع إخباري محلي فأن ضباط الأمن السوريين اضطروا إلى سحب المارة الأصحاء من الشارع على أمل إقناعهم بالانضمام.

يضيف التقرير أن النظام السوري وعد بإصدار عفو ومنح بداية للشباب السوري في تلك المناطق، كجزء من جهود المصالحة، لكن هذه المبادرة واجهت عقبة رئيسية “فالميليشيات المرتبطة بإيران التي تنشط في دير الزور تقدم بديلا أكثر جاذبية، وفقا لخبراء محليين وعضو سابق في الميليشيات المرتبطة بإيران”.

تقول الصحيفة إن “إيران لعبت دورا كبيرا في دير الزور، حيث نجحت في تجنيد السكان المحليين في الميليشيات المتحالفة معها، وتقديم الخدمات التي لا تستطيع الحكومة توفيرها لسكان تلك المناطق”.

وفقا للصحيفة فإن طهران تريد “ترسيخ جذورها في محافظة استراتيجية يمكن أن تعزز مصالح طهران الإقليمية حتى بعد انتهاء الحرب الأهلية السورية”.

وتنقل الصحيفة عن خبراء محليين القول إن “إيران عمدت لبناء مدارس وتوزيع سلال غذائية، وحولت مساجد سنية إلى شيعية، حيث بات الأذان الشيعي يُسمع اليوم للمرة الأولى في المحافظة”.

يقول شاب يدعى أبو خديجة، انضم لميليشيا مدعومة من إيران قبل ثلاث سنوات، إنه “مثل كثير من الشبان السوريين الذين ينضمون إلى الميليشيات باعتبارها الحل الوحيد للهروب من الجيش”.

وفقا للصحيفة فإن دافع أبو خديجة، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه كاملا خوفا من الانتقام، في الانضمام للميليشيا “لم يكن دينيا أو فكريا، بل كان بحثا عن الراتب والمزايا”.

وأشار أبو خديجة إلى أنه “بينما يدفع الجيش السوري في دير الزور راتبا شهريا قدره 27 ألف ليرة سورية، أي حوالي 7.50 دولار، فإن الميليشيات المدعومة من إيران تقدم أكثر من ضعف ذلك، مع رواتب أعلى في أماكن مثل مدينة البوكمال على الحدود العراقية”.

يقول أبو خديجة، البالغ من العمر 26 عاما، إنه “انضم إلى كتيبة مكونة من 100 سوري يحرسون المستودعات الإيرانية في دير الزور”.

ويضيف “تم تكليفنا بالتناوب على الحراسة لمدة 15 يوما في الخدمة و 15 يوما عطلة، وعلى النقيض من ذلك، غالبا ما يرسل الجيش السوري الجنود لأماكن بعيدة عن منازلهم لمدة شهرين على الأقل في كل مرة، مع إجازات تصل لمدة خمسة أيام فقط”.

ويشير إلى أن “بطاقة هوية الميليشيا تسمح للمقاتلين بالحصول على سلة طعام شهرية تشمل السكر وزيت الطهي والأرز والتونة المعلبة والفاصوليا، موضوعة بصناديق كارتونية عليها صورة قاسم سليماني وعبارة تقول (هدية المقاومة الإسلامية) مكتوبة باللغتين العربية والفارسية “.

كما يُمنح حاملي البطاقات رحلات طيران مجانية إلى دمشق كل يوم اثنين وخميس على متن الطائرات الإيرانية، ويمكن لأولئك الذين يرغبون في الزيارة، لأي سبب من الأسباب، التسجيل في الرحلة قبل يوم واحد.

ويبين أبو خديجة أن “بطاقة الهوية لا تسمح له فقط بحمل سلاح، ولكن الأهم من ذلك أنها تحميه من الاعتقال أو الاستجواب من قبل الجيش السوري، وهو أمر يخشاه الكثير من السكان المحليين”.

تقول الصحيفة إنه “على الرغم من أن الميليشيات المدعومة من إيران تعد من المؤيدين الأساسيين للحكومة السورية، لكنها في بعض الأماكن، ولا سيما في شرق البلاد، تنافس مع النظام على النفوذ المحلي”.

وتتابع أن “إيران أعطت الأولوية لتعزيز مواقعها في محافظة دير الزور، مع سيطرة مختلف الميليشيات المتحالفة معها بشكل أساسي على المدن الرئيسية”.

ولعل الأهم من ذلك، بحسب “واشنطن بوست” هي منطقة البوكمال، الواقعة على طول نهر الفرات على الحدود العراقية.

تمثل هذه المدينة معبرا استراتيجيا لطهران، التي سعت إلى إنشاء “جسر بري” من إيران عبر العراق وسوريا وإلى لبنان، مما يسمح بنقل المعدات العسكرية إلى حلفاء طهران، وعلى الأخص حزب الله المتشدد في لبنان.

تقول الصحيفة إن “حركة العتاد والمقاتلين على طول هذا الجسر البري تمنح إيران العديد من المزايا الاستراتيجية، بما في ذلك قدرة أكبر على مواجهة خصمها إسرائيل”.

ولضمان بقاء هذا الممر في أيدي صديقة، عمدت إيران لشن حملة متعددة الجوانب لكسب دعم السكان.

يقول المحلل المتخصص في الشؤون القبلية في شرق وشمال شرق سوريا عمار الحمد أن “الإيرانيين يريدون إنشاء قاعدة شعبية موالية لهم في حال اضطروا للمغادرة يوما ما”.

تقول الصحيفة إن “ميليشيات لا تعد ولا تحصى تعمل في دير الزور، بعضها متحالف مع الحكومة السورية وحليفتها روسيا بالإضافة إلى تلك المتحالفة مع إيران”.

العديد من الجماعات المرتبطة بإيران يعمل بها ويقودها سوريون، يتلقون أوامر من قادة إيرانيين كبار، وفقا لناشط محلي يُدعى أبو ماريا.

تحدث ابو ماريا للصحيفة شريطة عدم نشر اسمه كاملا خوفا على سلامته، حيث قدر أن هناك أيضا حوالي 10 ميليشيات كبيرة متحالفة مع إيران في المحافظة تتألف من مقاتلين أجانب، بمن فيهم إيرانيون وأفغان وباكستانيون.

يقول عضو المليشيا أبو خديجة إن “السكان في منطقته قبلوا إلى حد كبير الهيمنة الإيرانية، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران تتمتع بقوة أكبر على الأرض من الجيش السوري”.

ويضيف أن “السكان يقدمون شكاوى إلى المسؤولين الإيرانيين عندما يتسبب جنود الحكومة بمشاكل.. لديهم نفوذ أكبر من الجيش”.
——-
/ عن موقع “الحرة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى