لماذا لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة ؟… / نبيهة حنا، ربا منصور
نشر أحد الأصدقاء لوحة فنية لرسام فرنسي من القرن التاسع عشر , اللوحة تطرقت الى موضوع النخاسة , اجمع رأي النقد الفني على أن هذه اللوحة كانت من أفضل الأعمال الفنية في القرن التاسع عشر, كان لبعض الأصدقاء الفيسبوكيين رأيا آخر , اذ وجد بعضهم عطبا وخللا في اخلاقية المنبر الناشر , وجدوا اخلاقا وضيعة ,تحسروا وتأسفوا على الأخلاق المهدورة , لا نعرف حقيقة مدى صحة هذا الادعاء , نظن بأن الأخلاق على مايرام .
المسألة ليست مسألة أخلاق بالدرجة الأولى , انما مسألة “تورا بورا “, من ناحية , ومن ناحية أخرى فلسفة ورموز ودلالات ,هنا نعود الى تورا بورا ,والى مكة ,لنفكر بتداعيات التفاعل السلبي الأمي مع الفنون , التي لاعلاقة للعرب المسلمين بها , لا بنشأتها ولا بفلسفتها , النظرة لللوحة على انها لوحة بورنو غرافيا , هي نظرة مشوشة ومتوحشة , حول هذه اللوحة بالذات كتبت مئات الآلاف من المقالالت , وعشرات الكتب , لم ينظر أي من الشارحين لمدلولات اللوحة على انها لوحة تعري بورنوغرافي , كما نظر اليها العديد من اميون الفن .
للنظرة البورنوغرافية لللوحة مصادر ومسببات, المصدر والمسبب هي الثقافة الدينية المؤسسة على التلقين القسري , وبالتالي وظيفيا حالة من حالات الاستعمار الديني , المسؤول عن صناعة الانسان الجاهل والمشوش المطووش فكريا والمتحيون مسلكيا , يتميز الطوش الديني بعدة خصائص , منها ومن أهمها الابتلاء بالهوس الجنسي , خاصة الشكل التناكحي الحيواني منه , تناكح بدون حب اغتصاب .
فتح الهوس النكاحي آفاق جديدة للتناكح , مثل نكاح الحيوانات, نكاح الرضيع , نكاح وزواج المتعة , الزواج بقصد الطلاق ,زواج المسيار , ثم الاتجار بالسبايا والجواري بعد خطفهن ,نكاح الوداع بما يخص الزوجة الميتة, تنكص الهوس النكاحي الى مستوى الحيونة , وكنتيجة تحول الانسان الى حيوان .
لايتعلق الهوس الجنسي وحيونة الانسان فقط بالنكاح , انما يشمل نظرة جنسية لكافة الأمور الحياتية ,انه هوس قبل أن يكون جنس ,هوس أثر على كل شيئ حياتي , مثلا هوس بالنظرة الى الفن والأعمال الفنية أو الهوس العصابي في تقييم حالة التعري , فقد رأى بعض المهاويس المرحومة زوجة المرحوم شكري القوتلي عارية مع انها , حسب تقييمنا لصورتها مع زوجها وابنتها , مرتدية للباس انيق وجميل , بالرغم من ذلك رأى هؤلاء الهوسة العصابيون بنظرتهم الثاقبة اعضائها التناسلية, وكأنها وقفت أمامهم كما خلقها ربها , يا للعار !
تجاه لوحة فنية , من أشهر وأروع الاعمال الفنية للقرن التاسع عشر , والتي كتب بشأنها مئات الآلاف من المقالات والدراسات , كان للرعاع من رواد الكراخانات الشرعية موقفا أملاه الهوس العصابي عليهم , لم يتمكنوا من رؤية أي قيمة فنية وفكرية في اللوحة , اللوحة هو برونو غرافيا , وبالتالي صالحة فقط لممارسة الاستنماء , لا قيمة فنية لها ولا خلفية فكرية ولا مقصد باستثناء ما ذكر , هذا كل ما تمكنت منه عيونهم وعقولهم ادراكه .
لكل رؤيته وموقفه وتقييمه , والاشكالية لاتتعلق مبدئيا بتقييم اللوحة بشكل مجرد , انما برمزية تشييئ المرأة وبوجود بضاعة اضافية للبيع على خشبة منصة المزاد العلني ,نرى في عدد الزبائن وسحنهم أشياء قد لايراها غيرنا , أو يرى غيرنا ما هو مغاير لرؤيتنا , المشكلة هي أخرى , انها مشكلة الانتفاخ العربي الاسلامي , الذي يؤهل المسلم للاعتقاد بأن مايقوله ويفعله حق …المسلم المؤمن على حق , لأنه من خير البشر , وخير البشر هم من خير أمة ,هذا الاعتقاد انتحار ! , لم يكتف الرعاع , الذي لاعلم له حتى باسم الرسام بكرخنة اللوحة , فعدد لايستهان منهم مارس نمطية كرخنة محاوريهم , وهكذا تم الطلب من المحاورالناشر للصورة تعرية عائلته , لكي يصبح مصداقا في اعتباراته , وكأن زوجات وبنات المحاورين قطعا من رسوم فنية , هنا بلغ الرعاع قمة الرعاعية .
يتطلب بلوغ قمة الرعاعية عدة ممارسات , منها الشخصنة والتكفير , الشخصنة كانت ولا تزال من أهم معاولهم الهدامة , وهكذا شخصنوا وأهانوا محاولين بذاك تصفية محاورهم , لالزوم للاستفاضة في موضوع الشخصنة, الصديق بيطار قدم قبل ايام شرح لهذه الاشكالية .
لم يترك الدين هؤلا يبدعون , لقد وضعهم في سجنه , وحرم عليهم كل مبادرة شخصية , وفرض عليهم حتى استنزال اللعنة على عبدة الصور , لامجال هنا لذكر كل التحريمات , التي قزم وجودها الانسان, وحوله الى جثة متحركة , الا أنها قادرة على ممارسة التطاول على الآخرين , جثة منفوخة بهواء خير أمة , الشعور بأنهم خير أمة هو ألف وياء التردي , تنفسهم لهواء خير أمة هو انتحار واندثار يمارسوه في هذا العصر , لقد التبس على الرعاع ورواد الكراخانات الشرعية , وتجار السبايا والجواري حتى في العصر الحديث , أمر اللوحة العملاقة وكأنها تصور هيفاء وهبي او رانيا يوسف أو حتى ميا خليفة , هذا أمر منتظر من قبل مخلوقات لاعلاقة لها أصلا بالفن ,ومن اين لهم الخبرة والمقدرة على التعامل والتفاعل مع فن من هذا النوع , أو من نوع فنون بيكاسو او دالي او فان غوخ او غيرهم , وهل أتت وفود الجزيرة العربية البدوية الحربية الى المستعمرة الشامية بالفنون ؟رسما أونحتا أورمزية , لايسمح الجهل والحربجة والسيف والقتال وغائم الحرب والتذبيح والوطاوة والخداع , والفصامية والازدواجية , والاستلاب وغيرهم , لهؤلاء ان يتفاعلوا أو يتعاملوا مع انتاج رائع شكلا ومضمونا , كانتاج الرسام والمستشرق والمفكر جان ليون جيورم ولوحته الفذة ؟؟
كيف سيتفهم ويفهم هؤلاء بوجود استلابهم الكامل من قبل الدين ؟ , الذي مسخ المنتمي له , فدين الأقزام قزم , دين الأحرار حرية , ودين الذبيحة ذبيح ودين الشبيحة شبيح , دين الطاعة والانصياع استعباد وقهر , دين الترهيب بنار جهنم ارهاب .
تقزيم فن اللوحة الى البرونوغرافية , هو تطاول وقح وغير مبرر على ثقافة الفن , ..أن تتلف شيئا جيدا , يعني أنك هدام ومخرب ,أن تتطرق الى أمور تجهل اي شيئ عنها , يعني أنك مدعي , أسوء أشكال جهل الفرد هو عدم اعترافه به,انهم جهلة والتشدد في لومهم ظلم لهم , لم يكن هناك من أخذهم باليد ومكنهم علميا وثقافيا , لقد كان هناك من خربهم علميا وثقافيا وحتى أخلاقيا, انه التجهيل المحمول على كتف الآية والحديث… هل اصاب حديث ” لاتدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة “او حديث “لاتدع صورة الا طمستها ولا قبرا مشرفا الا سويته “؟؟
——-
/ عن صفحة “ٍSyriano” في فيسبوك