الوطن

كنان العظمة في تورنتو: “يا درعا حنّا معاكي للموت”/ خالد قنوت (*)

لم يكن حضور حفلة موسيقية للمبدع كنان العظمة في مدينة تورونتو الكندية يوم السبت الفائت, مجرد عمل روتيني اقوم به كمتابع للحركة الفنية أينما توفر المكان و الزمان بل كانت حالة انتماء اضافية لتذوق فن يمثل نوعاً من التزاوج الحضاري بين شرق و غرب و قد كانت المرة الأولى التي أحضر فيها أمسية موسيقية لكنان.
احسست بأنفاس سوريين تجوب الرواق المؤدي للصالة منذ تجاوزت البوابة الرئيسية لمبنى متحف الأغا خان الجميل, فتذكرت صالات و مسارح دمشق و دار الاوبرا و قد كانت بيوتاً لعشاق الفن في بلدي.
سرعان ما أقحمت عبر انغام الكورينيت و الدرامز و الغيتارات التي كانت تتسلل لقلوب الحاضرين, بحالة من التطاير بين حارات الشام القديمة و ازقتها و محلاتها و مقاهيها كريشة يمامة أو كورقة شجرة توت شامي و حتى خلال فترات الانتقال بين مقطوعة موسيقية و أخرى كانت روحي هناك لكني لم أكن اشتم ياسميناً و لا منتوراً و لا جورياً, كانت انفاسي محكومة بغبار أو رياح ترابية كأنها رياح الخماسين قد اصابت الشام و أهلها.
كنان المبدع, عزف لنا عن دمشق و عن سورية و عن جسرين, قريته القريبة من دمشق, و أبكانا عندما نبش ذاكرتنا بأصوات القصف و الطيران و ذكرنا بغياب أهل الغوطة يوم قتلوا بآلة النظام العسكرية أو بأسلحة بوتين تحت التجريب أو الذين غيبوا بالباصات الخضراء.
لم استطع, إلا وأنh أجهش في سري, و قد فعل الجميع, عندما أنهى أمسيته بمقطوعة درعا. كان يردد على انغام الكورينيت “يا درعا حنا معاكي للموت” و كنا نردد في قلوبنا معه. لم يقطع هذا الهارموني بين مبدع وجمهور مثقل بالهم على وطن جريح, سوى صرخة سيدة كانت تجلس أمامي: ” الله حيو”.
منذ أن صرخ الشعب السوري نصرة لأهل درعا ” يا درعا, حنا معاكي للموت” و حتى تكشف اللثام عن مجزرة حي التضامن و التي لن تكون الأخيرة, و السوريون يدفعون و سيدفعون ثمن وجودهم كشعب و كبشر على هذه الأرض من دمهم و من ارواحهم و من ارزاقهم, حتى يسقط الطاغية و عائلته و نظامه المجرم و معه حفنة من الغزاة, لعلنا نستعيد رحيق ياسمين شامنا من جديد.
شكراً كنان و شكراً لكل افراد فرقتك الموسيقية.
———-
(*) خالد قنوت هو كاتب سوري مقيم في كندا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى