“الأجندة” لابراهيم كوكي/سرد بسياق روائي لأحداث سورية 2000-2010
تقدم رواية “الأجندة..”، سرداً توثيقياً لأهم الأحداث التي عايشتها المنطقة العربية عموماً وسورياً على وجه الخصوص، عبر شخصيات روائية درامية نقلت القارئ إلى عمق الملفات التي ارتكزت عليها محاور الحدث السياسي في المنطقة خلال العشرية الأولى من القرن الحالي.
وتسعى الرواية لتوفير سردية مترابطة للأحداث الغزيرة في المنطقة، عبر الكشف عن الروابط للعلن وعدم إبقائها حبيسة الادراج أو متناثرة دون أن يجمعها أي خيط، مما جعل كتابتها تستغرق 6 سنوات حتى رأت النور عام 2020.
تتناول رواية الأجندة التاريخ السياسي والديني لسوريا من عام 2000 حتى عام 2010، وتجري أحداثها في 3 محاور رئيسية، هي: اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، بكافة تفاصيلها وما دار قبل عملية التفجير وخلالها، ثم ما تلاها من لجان تحقيق محلية ودولية.
في هذا المحور تكشف الرواية تفاصيل عديدة عما تبع اغتيال الحريري من اغتيالات أخرى، وتقدّم القرائن التي تفسرها، وصولا إلى كشف تفاصيل الاغتيال الأكبر والخلايا التي عملت به، وتروي قصة السيارة التي سرقت لتنفيذ الاغتيال.
أما الملف الثاني الذي تعالجه الرواية، فهو الحالة الدينية في سوريا وعلاقتها بالنظام، وكيف استخدم النظام الإسلاميين في الدخول إلى العراق ثم العودة منه إلى سوريا، ودور المشيخات الدينية وجماعة القبيسيات في المشهد السوري، مرورا بأحداث نهر البارد وما جرى فيه عام 2007.
وتقدم الرواية توثيقاً لخروج مقاتلي تنظيم “فتح الإسلام” من سجن صيدنايا قبيل اغتيال الحريري بـ15 يوما، ودخولهم إلى لبنان، ثم اختبائهم في المخيمات كنهر البارد والبداوي وعين الحلوة.
وفي الملف الثالث والأخير، تكشف الرواية تفاصيل عن استعصاء سجن صيدنايا، وتروي كل ما شهده من أحداث تمرّد السجناء عام 2008 بأدق التفاصيل المتعلقة بمواقف وأداء السجناء الإسلاميين واليساريين وكافة مكونات الأسرى.
وتتنقل قصة الرواية بين 3 شخصيات رئيسية: الأولى نهلة، وهي فتاة علوية لها ارتباط بوزير الداخلية السوري الأسبق غازي كنعان، الذي قيل إنه انتحر بعد التحقيق معه في قضية اغتيال الحريري، وهو الذي كان يشغل منصب الحاكم العسكري السوري للبنان. نهلة هذه تقتل أو تختفي في ظروف غامضة وفقا لتفاصيل “الأجندة”.
أما حيدر -وهو الشخصية الثانية في الرواية- فقد كان سجاناً في سجن صيدنايا، وكان يهيم بحب نهلة، حتى أن الرواية قدمته بشخصية العاشق الولهان الذي يكتب الشعر الرومانسي ويجمع الورود، لكن خلف كل تلك الرقة في سلوكه مع المحبوبة كانت قسوة حيدر السجان تظهر عندما يتعامل مع الأسرى بكلّ قسوة ووحشية في سجن صيدنايا، إنه إنسان ذو شخصيتين، استخدمه المؤلف مدخلاّ إلى عالم السجن وأحداثه.
سامر هو الشخصية الثالثة التي تحظى بدور رئيسي في الرواية. كان سامر شاباّ دمشقياّ يرتاد المسجد ويدرس في كلية طب الأسنان، حتى تم اعتقاله على خلفية تفجير لا علاقة له به عام 2006، ليصل به المقام إلى سجن صيدنايا، ويشهد كافة أحداثه، وصولاّ إلى الاستعصاء الشهير عام 2008.
أما مؤمنة، فهي فتاة كانت ترتاد الجامع أيضا لتعلم القرآن الكريم، وكانت والدتها شيخة القبيسيات في الغوطة الشرقية، وكان سامر يتطلع لخطبتها، ولكنه اعتقل في صيدنايا ولم يتح له اللقاء بها.
إلى جوار هذه الشخوص التي تنقاد خيوطها بطرق ما إلى سجن صيدنايا، كان يتحرك النقيب اللبناني وسام عيد محققا في ملف اغتيال الحريري، فيتابع التحريات ويجمع التفاصيل حتى كشف كامل خيوط الاغتيال، لكن الحقائق التي توصل لها طمست جميعا بحادثة مهمة سردتها الرواية.
لا تقدم الرواية نفسها على أنها سرد تاريخي لسوريا، وإنما تسرد أهم الأحداث وتربط بينها بسياق روائي عبر أبطال الرواية، الذين يمكن أن يكونوا خياليين ، ويمكن أن يكونوا حقيين بنفس الوقت لدرجة أنك تقول: أنا أعرفهم جميعاً.
————-
ابراهيم كوكي؛
كاتب سوري. له مجموعة قصصية بعنوان من أرض المعركة. ورواية الاجندة.
واعمال درامية مثل: مسلسل قضاة عظماء. ومسلسل أحمد بن حنبل. ومسلسل فتح الاندلس.
يدير مقهى ثقافي في اسطنبول يحمل اسم كتاب سراي.