المناكحة والمجتمع الأبوي الهجين!.. / د. ممدوح بيطار
تفكيك مفهوم “عقد النكاح ” المشوه لكينونة وكرامة الانسان امرأة ورجلا , لايقتقصر على التقزز من مفردة “نكاح” ومن مدلولات اختذال الزواج ليصبح نكاحا , وبالنتيجة عندما لايوجد نكاح تتوقف حالة الزواج عن الوجود… لازواج في الشيخوخة حيث لانكاح ….
ماهي دلالات استمرار توصيف الزواج من الجهات الرسمية والتقليدية بأنه نكاح ,مع العلم بأن الغالبية الساحقة من البشر الاسلامي وغير الاسلامي يعتبرون استخدام هذه المفردة بشكل عام , وفي عنونة الاتفاق الخاص بالزواج بأنه عقد نكاح , أمرا شنيعا ومقززا للنفس ! وما هي دلالات ذلك الاصرار على استعمال المفردة من قبل العديد من الاسلاميين انصياعا لمبدأ النقل , فلطالما تم استخدام هذه المفردة قديما يجب استخدامها حديثا , هذه هي روح استحضار الماضي ليكون مرشدا وقائدا للحاضر والمستقبل بالرغم من سوئه , هذا هو أحد معالم الماضوية التأخرية , التي فعلت فعلتها القاتلة في المجتمعات العربية الاسلامية .
المسألة ثقافية اجتماعية ,لا تقتصر على الفشل في الابتعاد عن مفردة سقيمة بمدلولات حيوانية , وانما تشمل كل نواحي الحياة , فالحياة الاسلامية العربية بشكل عام تتصف ببنيتها الثابتة والغير قادرة على التغير والتطور , والمجتمع الاسلامي العربي التقليدي الأبوي, الذي فشل في ايجاد ماهو أجمل وأليق من مفردة “نكاح” ,هو مجتمع “ساكن راكد” وبالتالي فان ثقافة هذه المجتمعات هي ثقافة سكونية معتدة بنفسها نرجسية ,رافضة للتعلم من الثقافات الأخرى ,فلولا الشعور بتفوق مفهوم ” النكاح” في تعريف الزواج على المفاهيم الأخرى , لما كان هناك ذلك الاصرار على استخدام المفردة , المفردة التافهة وغيرها من التوافه تحولوا الى نوع من الانتربولوجيا الثقافية , الى كينونة شبه عضوية بميزة أساسية هي الخضوع الى السكون وانتفاء التطور , الذي ان وجد فهو تطور بمنتهى البطئ , تطور غير متفاعل مع مابقي من العالم متنكر للتغيرات للمتغيرات ومتجاهل لوجودها .
يعود التخلف الذي يتمظهر حتى في التمسكك باستخدام بمفردة شكلية الى عاملين , الأول هو اللاعقلانية والثاني هو العجز , اللاعقلانية تعني عدم المقدرة على التدبير , والعجز يعني عدم المقدرة على الوصول الى الهدف , وأحد المشاكل الأساسية تكمن في مقدرة الناس على التعايش مع التخلف كما يتعايش المخلوق البشري مع ظاهرة الموت , انها استكانة للزهد على الأرض , هل الوعد بالجنة في الحياة الأخرى هو المسبب الرئيسي لذلك ؟.
احد معالم التخلف التي يتعايش الفرد معها في المجتمعات الاسلامية هي منظومة المجتمع الأبوي وحجره الأساسي هو استعباد المرأة واستبعادها ونفي وجودها الاجتماعي , الذي يأخذ أحيانا شكل الاعدام الاجتماعي , المجتمع الأبوي هو مجتمع ذكوري مسكون بالتسلطية والوصاية ثم التعنت الرافض للنقد والمصر على السيطرة على المرأة واستهلاكها حيوانيا , انها المهدئ لغريزة النكاح والمشبع لهذه الغريزة , العقد هو عقد نكاح , فماهي قيمة هذا العقد عند انتفاء النكاح لسبب ما من الحياة كالشيخوخة أو مرض لايسمح بالنكاح ؟؟
من لايقتدر على تحديث مفردة , لايقتدر على تحديث ماهو أهم من هذه المفردة, العنانة التطورية تعود الى عدم المقدرة على خلق وعي جماعي شعبي تجاه الدين والسياسة والظلم والمرأة ..الخ , انعدام وجود وعي جماعي جديد أبقى النظرة للمرأة في اطارها الاستهلاكي النكاحي , وأجهض امكانية نجاح الأنسنة وهيمنة الأنسنة على السلوك البشري .
يتوقف مصير المجتمعات التقليدية الأبوية على مقدرة هذه المجتمعات في التغلب على صيغتها الأبوية واستبدالها بصيغة حديثة تتجلى بالاعتراف نظريا وعمليا بوجود المرأة اجتماعيا , وبالابتعاد عن المجتمع الذكوري المسكون بالذهنية الأبوية , والمهووس في ممارسة التسلط …. ,المجتمع المهووس بالذهنية الأبوية هو مجتمع لايقبل النقد ولا يمارسه , انه مجتمع الاملاء والفرض ,
لاشك في كون تركيبة المجتمعات الأوربية قدوة للمجتمعات الشرقية , هذا يعني السير في طريق الحداثة , , الحداثة تنكصت الى تحديث استهلاكي مولته ينابيع البترول للبعض وحرمت الأغلبية الساحقة منه , هكذا تم انتاج مجتمعات هجينة …فلا هي حديثة ولا هي تقليدية … مجتمعات “القشرة” الحداثية , التي أوهمت البعض بأنهم حداثيون وبالتالي تم اجهاض العمل الحقيقي للتوصل الى حالة الحداثة العقلية