عائدون

التزويج المبكر.. احتيال على القانون ضحيته اللاجئات السوريات في تركيا / غصون أبو الذهب (*)

تنتشر ظاهرة التزويج المبكر في أوساط اللاجئين السوريين بتركيا، جراء الموروث الثقافي الاجتماعي السائد في بعض المناطق السورية، والحالة الاقتصادية المتردية التي رافقت السوريين عقب حملات التهجير القسري، وظروف الحرب والأزمات الإنسانية المرافقة لها التي لاحقت السوريين على مدار الأعوام العشرة الأخيرة، إضافة إلى الجهل وضعف الالتزام بقوانين الزواج المدني في تركيا التي حددت سن الزواج بثمانية عشر عاماً، واعتبرت الزواج قبل بلوغ السن القانوني جرماً يعرّض صاحبه للسجّن مدة تتراوح بين الستة أشهر إلى السنتين، وفي حال إرغام الزوجة القاصر على الزواج بغير إرادتها تصل عقوبة السجن إلى ستة عشر عاماً.
الإكراه على الزواج
تقول “ميساء” في حديث إلى “سيريا برس” عمري 16 عاماً، من المتعارف عليه في منطقتنا الزواج بعمر مبكر، حاولت جاهدة كسر هذا العرف وقاومت كثيرا حتى أتم تعليمي ولكن والدي كان يضغط علي وعلى اختى الكبرى 17 عاماً للزواج بأخوة من أولاد عمومنا.
ومنذ أن بلغت 13 عاماً ووالدي يريد مني أن أترك المدرسة وأتعلم أمور الطبخ والتنظيف وكان يرغمني أن أبقى في المنزل لأيام حتى تتدخل إدارة المدرسة وتبلغه بضرورة عودتي إلى المدرسة وبأنه يخالف القانون التركي، ولما نجحت إلى الصف التاسع منعني والدي من الذهاب للمدرسة ولم يكن لدي خيار برفض زواجي من ابن عمي البالغ من العمر 19 عاماً وتزوجت أنا وأختى في يوم واحد وسكنا معا في منزل واحد، ورغم تواضع الحالة المادية “من يرضى يعيش” ونحن نحاول جاهدين إنجاح هذا الزواج لأن لاخيار لنا بالطلاق لأن والدي دائماً يقول “مقبرة البنت بيت زوجها”.
منذ أيام قليلة وضعت ميساء طفلها الأول وعند سؤالها هل واجهت مشاكل كونها قاصر مع إدارة المشفى قالت: لا، دفعنا ماترتب علينا من أجور المشفى وتمت الأمور بسلاسة وخير، وعن كيفية تسجيل المولود وهي لاتملك أوراق قانونية تثبت زواجها، أجابت بأنها لاتعرف ولم تتحدث مع زوجها حول هذا الموضوع سابقا وأنها تجهل بأنه لايمكن استخراج أوراق رسمية لأبنها.
تروي “سلام” 18 عامًا قصة فيها تقاطعات قصيرة مع قصة ميساء حيث تزوجت منذ ثلاثة أعوام من قريب لها بعقد عرفي على يد محامي سوري بعد أن أقنعها أهلها بالعريس، عانت سلام الأمرين بهذا الزواج كونها سكنت في غرفة بمنزل حماها وكانت تخدم جميع أفراد الأسرة الكبيرة العدد وتعرضت للمضايقات والإهانات من قبل أهل الزوج، وبعد حملها بأشهر قليلة سافر زوجها عن طريق التهريب إلى ألمانيا ووعدها بلم الشمل قريباً وتركها في منزل ذويها دون أي مصروف لها أو للطفلة التي أنجبتها ومع الوقت انقطع تواصل زوجها معها، وأصبح لديه حياة أخرى هي والطفلة ليست جزء منها، ما دعاها إلى طلب الطلاق والحصول عليه.
الأثر النفسي لزواج القاصرات
عن أسباب تزويج القاصرات والآثار النفسية والاجتماعية يقول الأستاذ “باسل نمرة” اختصاص إرشاد نفسي ومجتمعي، يعد العامل الاقتصادي والبيئة الاجتماعية من أهم أسباب الزواج المبكر وخاصة بعد لجوء السوريين إلى تركيا و تردي وضعهم الاقتصادي جراء العمل برواتب ضئيلة أو لعدم وجود عمل مناسب، ما جعل بعضهم يلجؤون لتزويج بناتهم بعمر مبكر لتخفيف الأعباء المادية، إضافة إلى أن جزء من اللاجئين السوريين في تركيا ينحدرون من مناطق ريفية من عاداتها وتقاليدها تزويج البنات بسن مبكر وللأسف مازالوا يحملون ذات العقلية رغم مخالفة القانون التركي، ويحتالون عليه بالزواج بعقد عرفي على يد شيوخ الدين.
يضيف “نمرة” إن الآثار النفسية والاجتماعية كبيرة وخطيرة جداً على الفتاة القاصر لأنها غير ناضجة نفسياً ولا اجتماعيًا وغير مدركة ماهية العلاقة الحميمة بين الزوجين وتحمل مسؤولية أسرة و تربية أطفال، وقد تظهر عليها أعراض الاكتئاب والقلق نتيجة كثرة المشاكل الزوجية الناتجة عن عدم تفهّم الطرف المقابل. وخاصة أن الرجل يخرج إلى عمله من الصباح للمساء تاركاً مسؤولية المنزل والأطفال على عاتق الزوجة التي تفتقر إلى النضوج والخبرة المناسبة، على حسب تعبيره “طفلة تربي طفل” وهذا خطير جداً سوف يخرج جيل بفراغات نفسية كبيرة وبشخصية ضعيفة، هذا إذا ما تحدثنا أيضاً عن حالة من الاضطرابات الشخصية والتي تدخل فيها الفتاة جراء الحمل والتغييرات الجسدية والهرمونية التي ترافق ذلك، وشهدنا حالات كثيرة لفتيات تعرضن لاكتئاب مابعد الولادة واحتجن إلى جلسات دعم نفسي، هذا غير انتشار مقاطع مصورة تحمل معلومات مغلوطة عن تربية الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الممكن أن تطبقها الأم القاصر دون الوعي لخطورتها نتيجة ضعف التعليم لخروجها من المدرسة في عمر مبكر ونقص الخبرة مما يؤثر بشكل سلبي على تربية الأطفال.
إحصائيًا الأم المراهقة أكثر عرضةً لاكتئاب ما بعد الولادة بمقدار الضعف عن المرأة الأم الأكبر سنّاً، وقد تظهر أعراض تقلّب في المزاج، وقلق، وحزن، وصعوبة في التركيز والأكل والنوم لمدّة أسبوع إلى أسبوعين، كما أنّ خطر الاكتئاب قد يزداد إذا أنجبت الأم قبل مرور تسعة أشهر، مايجعلها عرضة لنوبات الخوف والهلع، وفي كثير من الأحيان تصاحب الاكتئاب أفكار انتحارية قد تؤدي إلى إيذاء الأم لنفسها أو لطفلها.
الآثار الاجتماعية لتزويج القاصرات
الزواج المبكر يعد انتهاكا لحقوق الطفل، ومنها الحق فى التعليم والحق فى تنمية القدرات والاختيار الواعي لشريك الحياة دون إجبار و الحق فى ضمان تكافؤ الزواج وبناء علاقة أسرية سوية. وفق الأستاذة “غيثاء أسعد الدالي” الناشطة في قضايا النوع الاجتماعي وخبيرة الدعم النفسي، وتؤكد أن معدل الزواج المبكر عند الفتيات يزيد عن ضعف معدل الزواج عند الأولاد و يواجه كلا الطرفين مخاطر وآثار تختلف بناءً على الاختلافات الاجتماعية لكلّ منهما.
وتشير الخبيرة الاجتماعية إلى أن الزواج المبكر على الأولاد من الأطفال يجبرهم على تحمل مسؤولية كبيرة وهم ليسوا مؤهلين لها، كما أن إشغال دور الأبوة في وقت مبكر يؤدي إلى ضغوط اقتصادية تحرم الأسرة من الاستقرار المادي، وقد تمنع الطفل المتزوج من متابعة التعليم وتطوير مهاراته، لذلك فالفقر والزواج المبكر مشكلتان متلازمتان، و يضعف قدرة الزوج والزوجة القصر على حد سواء من اتخاذ قرارات سليمة حول حياتهم بسبب الحرمان من الطفولة و تقييد الحرية الشخصية و كذلك الحرمان النفسي و العاطفي.
على الضفة الأخرى، تعاني الطفلات بسبب الزواج المبكر من عزلة اجتماعية بعيدة عن الأهل والأصدقاء ومن مصادر الدعم لها وتجد صعوبة في التعليم وتتشكل فجوة معرفية بينها وبين قريناتها، كما أن هؤلاء الفتيات غير قادرات على التعامل بأمور الزواج ولا يمتلكن لغة تواصل مع الزوج، وهن أكثر عرضة للصدمات و المشاكل النفسية، نتيجة فقدانها لحنان ورعاية الوالدين وفرصة العيش والاستمتاع بمرحلة الطفولة.. حيث تزداد المسؤوليات في الحياة الزوجية ويعرضها هذا للضغط لعدم تفهمها طبيعة العلاقة الزوجية، فتظهر عليها بعض الآثار النفسية كاضطرابات في العلاقة الحميمة بين الزوجين نتيجة الخوف، وأعراض الاكتئاب والقلق نتيجة عدم تفهم الطرف المقابل، وقد تظهر بعض الاضطرابات الشخصية وصور من الهستيريا والفصام حيث تزداد متطلبات الحياة على كاهل الزوجة لوجود طفل مثلا، بالإضافة إلى متطلبات الزوج والأقارب.
وتوضح “الدالي”، أن للزواج المبكر آثار اجتماعية كالطلاق المبكر الناتج عن اكتشاف الزوجين عدم استعدادهما لبناء أسرة ناجحة لصغر سنهما وعدم وعيهما الكافي في آلية بناء الأسرة، وأهم مظاهره الاجتماعية انتشار العنف الأسري حيث إن 50% من الفتيات اللواتي تزوجن تحت سن 18 يتعّرضن للعنف البدني والجنسي من قبل الشريك أثناء فترة الزواج.
المخاطر الصحية لتزويج القاصرات
بحديث خاص إلى “سيريا برس” تقول اخصائية الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة السيدة “عهد حوري” بحسب إحصائيات اليونسيف هناك 140 مليون قاصر تزوجت بين أعوام 2011- 2020 حول العالم. معظمهن يتعرضن للإصابة بأمراض منقولة جنسيًا ولمخاطر الإنجاب المبكر وللوفيات، والمخاطر تبدأ من ليلة الزفاف حيث تعاني بعض الفتيات اللاتي يتزوجن في عمر مبكر من تهتك بالأعضاء التناسلية الخارجية والداخلية، ويعتبر الحمل قبل سن 18 من الحمول العالية الخطورة الذي قد يعرض للإجهاض المتكرر والولادة المتعثرة وتهتك الرحم وتدهور حال الجنين، والإصابة بالانسمام الحملي وارتفاع ضغط الدم وانفكاك للمشيمة عن الرحم وفي وقت مبكر وحدوث اختلاجات عند الولودات أو حمى النفاس وارتفاع سكر الدم، و ‏الولادات المبكرة التي تبعد الطفل الخديج عن أمه لأنه يبقى في الحاضنة لفترة قد تطول أو تقصر بسبب الحالة، ما يسبب للأم اكتئاب وتحجر الثديين لعدم الإرضاع وهذا سيحيله للإرضاع الصناعي ولنقص بالفيتامينات وهنا تصاب الأم بالخوف والاضطراب العاطفي والسلوكي.
تشير الدراسات إلى أن الأمهات الصغيرات التي تتراوح أعمارهنّ ما بين 10 و 19 عاماً يواجهن نسبةً أعلى من إمكانية الإصابة بتسمّم الحمل، والتهاب بطانة الرحم بعد الولادة، والتهابات في الجهاز التناسلي، من الأمهات التي تتراوح أعمارهنّ ما بين 20 و 24 عامًا، كما أنّ حوالي 3.9 مليون حالة إجهاض خطيرة تحدث للفتيات من عمر 15 إلى 19 عامًا سنوياً. وبحسب منظمة “فتيات لا عرائس“، تكون الفتيات المراهقات أكثر عرضة للوفاة نتيجة مضاعفات الحمل والولادة بمرتين إلى سبع مرات مقارنة بالنساء في العشرينات من العمر. كما أن معدلات وفيات الأطفال حديثي الولادة أعلى بنسبة 73 في المئة للأطفال المولودين لأمهات تقل أعمارهن عن 20 عامًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
التزويج المبكر ..اعتداء على الطفولة
يقول الأستاذ “نزار خراط” في حديث خاص إلى “سيريا برس” أن الزواج المبكر أو زواج الأطفال، إذا ما عدنا إلى الوراء تاريخيا سنجد إننا أمام حاله مجتمعيه كانت سائدة وكان ينظر لها على إنها هي الوضع الطبيعي الذي لم يكن فيه مشكله ظاهريه، ولم يلتفت إليه أحد أو يتم الحديث عنه، مع مرور السنوات وتغير الخريطة الديموغرافية والواقع الاجتماعي أيضا، ومع زيادة أعباء الحياة في المدن وزيادة نسبة الفقر دفع البعض للسير في الطريق السهل للتخلص أو تخفيف الأحمال المادية الواقعة بتسريع تزويج الأطفال، وشاهدنا ذلك أيضا في أوساط المجتمعات العربية الغنية والتي كانت حريصة على المصاهرة فيما بينها، نأتي إلى الوضع والحالة السورية بعد قيام الثورة وماتبعها من واقع تهجير داخلي أو خارجي والذي كان أيضا السبب في زيادة نسبة الفقر بشكل عام، والنتيجة النهائية لذلك الوضع أن الأطفال من الجنسين قد دفعوا ثمن هذا الموروث الاجتماعي فلا هم اكتملت طفولتهم ولا هم كونوا أسره صحيحة وصحية … الحل يكون بداية بتغيير المفاهيم ومن بعدها تطبيق القانون وتشديده. ولكن من الجهة القادرة على أحداث التأثير المجتمعي والوصول إلى العامة ؟ .. نجد أن رجال الدين أحد المؤثرين في تغيير المفاهيم . وأيضا توضيح الأثر السلبي البعيد الناتج سواء على الإناث أو الذكور، وكذلك هناك دور كبير لمنظمات المجتمع المدني السورية للقضاء على هذه الظاهرة.
يضيف “نزار” أنا كأب مقتنع أن الزواج مسؤولية كبيرة ويحتاج إلى نضوج ووعي، لاينفع معها أن يكون أحد الزوجين أو كلاهما قاصر لذلك أنا أرفضه بالمطلق، لأن على الأطفال أن يتمتعوا بطفولتهم كاملة ويتعلموا ويكونوا شخصيتهم. ولكن في حال إصرار البنت أو الشاب على الزواج بعمر مبكر فهنا قد يضطر الأهل على الرضوخ لرغبتهم خوفاً من التبعات الاجتماعية وخوفاً على السمعة رغم معارضتهم الكاملة لهذا الزواج.
الزواج في القانون
من الناحية القانونية يقول الأستاذ المحامي “محمد تمو” بالنسبة إلى زواج القاصرات في القانون السوري كان القانون قبل عامين تقريبا يسمح بزواج الفتاة في سن 15 عامًا بشرط موافقة كل من ولي الأمر والقاضي الذي يقرر إذا كانت البنية الجسدية للفتاة تسمح بذلك، وبالتالي هذا الزواج قانوني ولايترتب عليه أي عقوبات قانونية، بينما قوانين الزواج بتركيا تجرم الزواج المبكر وتعاقب عليه حيث حدد القانون السن المناسب للزواج ب18 عاماً ويسمح القانون بزواج الفتيات بسن 17 بشرط موافقة الوالدين.
في رأي الأستاذ “تمو” أن الزواج المبكر يتعلق بثقافة المجتمع والموروث الثقافي والديني، وهذا الزواج قانوني ومتاح في سوريا خاصة أن الشريعة الإسلامية أتاحت إمكانية الزواج بمجرد “بلوغ” الفتاة والشاب، وهذا مايتضارب مع القانون الوضعي في تركيا الذي حدد سن الزواج بعمر 18 ولم يشترط موافقة ولي الأمر. ويضيف أن قوانين الزواج في تركيا واختلافها عن القوانين السورية وجهل اللاجئين السوريين بهذه القوانين سببت العديد من المشاكل القانونية لهم، إضافة إلى أن البعض تجاهل هذه القوانين وعمد إلى تزويج بناته بعقود خارجية عند شيخ أو محامي دون الوعي بالآثار المترتبة على ذلك وخاصة بعد حمل الفتاة في سن صغيرة واضطرارها إلى مراجعة المشافي التي تبلغ السلطات ويتم تنظيم ضبط ومن ثم الإحالة إلى القضاء، ومن الممكن أن يسجن الزوج ووالدا الزوجة في حال ثبوت ضلوعهم بهذا الزواج.
قانون الزواج في تركيا يتوافق مع قرارات ومبادىء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ووفق تعبير المحامي “تمو” على أرض الواقع هناك تناقض كبير في هذه الشرائع حيث تمنع الدول الغربية زواج القاصرات القانوني والشرعي، و تبيح تشريعاتهم العلاقة الجنسية والمساكنة لمن هم دون 18 عاماً دون عقوبات قانونية رغم ماينتج عن هذه العلاقات من حمل وولادات.
يُعدّ الزواج المُبكّر أحد أنواع الزواج القسري، والفتيات القاصرات هن الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة نتيجة العادات والتقاليد التي تمنح ولي الأمر الحق في الموافقة دون الأخذ برأي الفتاة التي تفتقد إلى الخبرة في الحياة التي تساعدها على اختيار الشريك المناسب، نتيجة عمرها الصغير والافتقار إلى التعليم، إلى ذلك تتم أغلب هذه الزيجات بالترهيب أو بالترغيب من قبل الأهل، وهو مايخالف المادة 16 من مبادىء حقوق الإنسان التي أشارت إلى أن ” للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. ولا يُعقَد الزواجُ إلاَّ برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاءً كاملً لا إكراهَ فيه”.
يشير الأستاذ “تمو” إلى أن هناك مشاكل كثيرة تتعلق بأمور الزواج في تركيا منها زواج اللاجئات السوريات من الأتراك أو الزواج البيني بين السوريين أنفسهم حيث يؤكد من وحي عمله أن حالات الخلاف والطلاق بين الأزواج في تزايد مستمر وهو مايؤثر سلباً على الأطفال حيث شهد حالات لخطف الأطفال من أحد الوالدين أو حرمان الطرف الأخر من رؤية الطفل، ويوضح “تمو” أن القانون السوري يمنح حق الحضانة للأم في حال الطلاق وفي حال زواج الأم أو عدم أهليتها تتولى الحضانة والدة الأم، وبحال الامتناع لسبب ما تنتقل الحضانة إلى أم الأب وهناك تسلسل قانوني يتبع ذلك بالنسبة للأرحام، أما في القانون التركي فللقاضي الحق أن يحدد الأصلح للحضانة من الوالدين وله الحق في إيداع الأطفال بمراكز الملاحظة أو دور الرعاية في حال قرر أن كلا الوالدين لايصلح للحضانة.
يولّد الزواج المُبكّر عدّة آثار اجتماعية كالطلاق المُبكّر وانتشار العنف الأسري، و إساءة المعاملة حيث تبلغ نسبة الفتيات المتزوجات التي تترواح أعمارهنّ ما بين 15 و 19 سنة واللواتي يتعرّضن للعنف الجنسي من قِبل أزوجهنّ 13% مقارنةً مع النساء في عمر 30 إلى 39 عام بنسبة 10%.
من الجدير بالذكر أن صندوق الأمم المتحدة للسكان “UNFPA” أطلق برنامج “العمل من أجل المراهقات” الذي شمل 12 دولة، بهدف تعليم الفتيات حقوقهنّ التي تتضمّن الحق في التعليم، والصحة لاسيما ما يتعلق بالصحة الإنجابية، والحق في العيش في مكان آمن خالٍ من العنف، وحق الكرامة، والحق في اختيار شريك الحياة، وتدريبات تشمل المهارات الحياتية. وذلك في خطوة لتمكين وتعزيز مهارات الفتيات الصغيرات في العمر، وتوعيتهن بحقوقهن التي كفلها لهم قانون حقوق الإنسان.
ينتشر الزواج المبكر بنسب أكبر في الدول النامية وتشير الإحصائيات إلى أن فتاة واحدة من أصل 3 فتيات في العالم النامي تزوجن دون سن 18، ولمكافحة هذه الظاهرة لابد من زيادة التوعية بمخاطر زواج القاصرات، وفرض القوانين والتشريعات ضدّ تزويج الأطفال، وزيادة فرص التعليم، وتوفير فرص العمل، وتقديم دورات تأهيل ما قبل الزواج، وفيما يتعلق باللاجئين السوريين في تركيا لابد من حملات توعية حول قوانين الزواج ومايترتب عليها من نتائج قانونية في حال مخالفتها، وما ينتج عنها من صعوبة تسجيل الزواج لدى الدوائر الحكومية المختصة ومايتبعها من إشكاليات في تسجيل المواليد.

** تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان
——-
(*) غصون أبو الذهب هي كاتبة وصحفية سورية
/ عن موقع ” syria press ” على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى