جوابا عن سؤال: هل يفتقر السوريون اليوم إلى الهدف والمثل العليا/ ميرا بيطار
طرح أنور يونان هذا السؤال على صفحته في فيسبوك:”هل يفتقر السوريون اليوم إلى الهدف والمثل العليا نتيجة لانهيار المعايير والقيم الاجتماعية خلال نصف قرن من الذل ؟”
ما يلي جوابا من الكاتبة ميرا بيطار
———–
يفتقد السوريون للعديد من القيم الايجابية مثل التسامح , الذي يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية للشعوب . تؤكد وثائق الأمم المتحدة بخصوص التسامح ضرورة تعزيزه بالمعرفة والانفتاح وحرية الضمير والمعتقد, وتحدد التسامح بأنه ” وئام في سياق الاختلاف” وأنه ” ليس واجباً أخلاقياً فحسب,وإنما واجب سياسي وقانوني أيضاً”, وعليه فإن استبدال ثقافة الحرب بثقافة السلام تقوم على ترسيخ مبدأ التسامح,وعليه أيضاً, فإن التسامح يشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية والديموقراطية وحكم القانون, وبدون التسامح لا تنمية ولا ديموقراطية , أصلا تهمنا هذه الوثيقة لأننا نعيش مع الآخرين على كوكب واحد , لاتهمنا هذه الوثيقة عندما نعيش على كوكب آخر , كوكب لابشري
للتسامح في هذه المنطقة دلالات وممارسات مرتبطة مع الواقع الانساني والسياسي والثقافي والاجتماعي خاصة في سوريا , واقع يتميز بممارسة كل أشكال العنف من فيزيائي الى كلامي الى حقوقي الى غذائي الى فكري .. العنف الحربي ثم الاقصاء والنبذ والاستبداد واحتكار التجهيل والخرافة والتكفير والتخوين وفقه التعصب والدوغماتيكية والقطعية وصناعة القوانين والمراسيم البربرية ,والتنكر للتعددية والالتزام بالتوحيدية وملحقاتها كالديكتاتورية وتشظي الشعوب بوسيلة الادمان على الهيمنة الفئوية , ثم حلول الخلاف محل الاختلاف , والاعتماد على التهميش , والتنكر للنقد , وممارسة الغرور والفوقية والانفصامية ….نتصدر المشهد الدولي بمروقنا وعدائيتنا وكرهنا وانسدادنا وتأخرنا وضديتنا للعهد الدولي لحقوق الانسان …لدينا حقوق انسان بخصوصية اسلامية , ولماذا تلك الخصوصية , ومخلوقاتنا أناس لايختلفون عن بقية الناس ؟؟؟ .
أهم المطلوب هو صعود هذه الشعوب الى سوية البشر , لا كما يظن الغرور لكي تنحدر هذه الشعوب الى سوية البشر , هو أن تندمج هذه الشعوب مع البشرية , وتعلن بأنه عليها ما عليهم ولها مالهم, عليها التحرر من فقه المظلومية ومن الاتكال على المؤامرة, عليها ان تتسلح بالصدق والوضوح , وتمارس النقد الذاتي , وتتعلم ثقافة الاعتراف بالخطأ وثقافة المراجعة والاعتذار ….نعم لهذه الشعوب خصوصية ! انها خصوصية التعاكس مع خصوصية خير أمة.
لايعرف تاريخ هذه المنطقة منذ ١٤٠٠ سنة التسامح بالمعنى والدلالة , التي اشارت اليها الأمم المتحدة , فالفتح وتملك أرض الغير لايمت للتسامح بأي صلة , ولا يجوز الحديث عن الفاتح والغازي المتسامح ,انه جمع لامنطقي للضديات , لا يجوز الحديث عن أحط وثيقة استعمارية مثل العهدة العمرية على أنها وثيقة “تسامح” , الأسدية لم تأت بأي شيئ جديد , وداعش لم تأت بشيئ جديد , لاتزال هذه الشعوب كما كانت قبل ١٤٠٠ سنة , ممثلة لقمة اللاتسامح