المجتمع

يوم قعد الشاعر / زكريا تامر

وقف الشاعر الذائع الصيت وراء المايكروفون مُواجهاً جماهير غفيرة أتت لسماع قصائده الجديدة، وما إن هدأت القاعة حتى فتح الشاعر فمه الذي يملك شفتين، وقال بصوت رخيم عذب : لقد قعدت..
فأغمي على الفتيات اللواتي تخيلن أنهن يقعدن على ركبتي الشاعر بعد أن قعد، وتهامس أعضاء في أحزاب مختلفة أن قعود الشاعر هو لا مبالاة بالإمبريالية وازدراء لها، وبادر سفراء الدول الكبرى إلى إرسال برقيات عاجلة ينصحون فيها رؤساء دولهم بإعلان حالة الطوارىء بحجة أن الشاعر ما دام أعلن أنه قد قعد، فلا بد من أنه سيعلن فيما بعد أنه قد وقف، وستقف آنئذ كل شعوب العالم رافضة الظلم والخنوع.
واستمرت الأمسية الشعرية تنطنط من قمة إلى قمة، وتخيّل الشاعر الواقف وراء المايكروفون المتنبي وأحمد شوقي وبدوي الجبل ونزار قباني ومحمود درويش ومحمد الماغوط يمزقون أكفانهم ويلطمون خدودهم غيرةً وحسداً، وابتسم بتشفٍ مُغتبطاً، فأغمي آنذاك على الرجال والنساء تجسيداً لما يطمح الشاعر إليه، فالإغماء يخلص الفقير من فقره والجائع من جوعه والمظلوم من ظالمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى