الدين السياسي / محيي الدين محروس (*)
مسيرة رجال الدين السياسي طويلة، حيث رافقت الأديان البشرية منذ بداياتها! وللاختصار هنا سيتم التطرق باختصار إلى الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلامية.
وفي البداية من الضروري التوضيح بأن الموضوع هنا لا يمس جماهير المُتدينين، ولا دياناتهم بقدر ما يوضح استغلال هذه الديانات من قبل رجال الدين السياسي ومن السلاطين والملوك والرؤساء للدول.
من المفيد هنا التمييز والتوضيح بين ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الماضوي وفي الإسلام يتم تسميته الاتجاه السلفي ( العودة إلى السلف ) ويتميز هذا الاتجاه بالجمود الفكري، وضد التحديث. ويتم رفع شعار العودة إلى الماضي أي إلى آلاف السنين إلى عهد موسى وعيسى ومحمد.
وهكذا تم استغلال الحركة الصهيونية للديانة اليهودية ولليهود لبناء مشروعهم السياسي المعروف وإقامة دولتهم „ إسرائيل الكبرى „ من النيل إلى الفرات…أرض الميعاد „ ! بالإضافة إلى العنصرية بأنهم: „ شعب الله المختار“ !
ومعروف أيضاً تاريخ رجالات الدين السياسي المسيحي والحروب الصليبية تحت الصليب…. وللأسف! ولا يزال بعضهم يريد العودة إلى „ هذه الأمجاد „ …! حيث توجد العديد من التنظيمات الدينية السياسية في العالم التي تريد نشر سلطاتها باسم المسيح.
كذلك رجالات الدين السياسي الإسلامي الذين يريدون العودة إلى الأمجاد السابقة ،ويرفضون أي أفكار تجديدية، ويتمسكون في النصوص التي مضى عليه أكثر من 1400 سنة …وحسب تفسيرات الأولين !
ومن شعاراتهم إقامة الخلافة الإسلامية في العالم دون وضع حدود لها….وشاهدنا كمثال :„ الخلافة والخليفة في سوريا „!
—————-
الاتجاه الثاني المعتدل والوسطي:
وهو محاولات اتخاذ مواقف وسطية بين الماضوية ( السلفية ) وبين التحديثية. يريدون التوفيق بين الماضي ومسيرة البشرية نحو التقدم ،وتجاوز الماضي. وهذا التوجة له ممثليه في الدين السياسي في الديانات الثلاث.
ونجد بعض رجال الدين السياسي الذين وافقوا على فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة في معظم الدول الأوروبية،
وكذلك في بعض الدول العربية والإسلامية ضمن وضع شروط مثل:
العمل بالشريعة الإسلامية في الأحوال المدنية.
———————
الاتجاه الثالث وهو توجه رجالات الدين السياسي نحو التحديث، وذلك لسبب هام ورئيسي ألا وهو لكي يستمر وجودهم. حيث توصلوا واستطاعوا تفهم الحقيقة: إما التقدم أو الموت السريع للديانات ولممارسة دورهم في السياسة.
ولذلك يقومون بمهمة صعبة وهي تحديث التفسيرات الدينية والنصوص المقدسة.
وفي الإسلام التوجه بالدرجة الأساسية إلى القرآن والتشكيك في مصداقية معظم الأحاديث. وكذلك التقدم في موضوعة: الناسخ والمنسوخ من الآيات.
وهذا الاتجاه يحاول استغلاله العديد من الزعامات السياسية في الدول العربية والإسلامية.
————-
ما هو الحل أمام هذه الحركات الدينية السياسية؟
توصلت البشرية إلى الحل بعد حروبٍ وصدامات ومعارك طاحنة.
وهو الفصل المؤسساتي بين الدين والدولة. وإقامة دولة المواطنة دون التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو القومية أو الجنس أو الفكر.
وضمان حق ممارسة العقائد الدينية في دور العبادة دون أي تضييقات من جانب السلطات السياسية، ودون التعدي من قبل رجالات دين ما على الأديان الأخرى.
————
لقد مضى عهد الدول الدينية. وهذا ما نشاهده في بعض الدول العربية…
وفي إيران اليوم المعركة على أشدها.
المستقبل لحرية الشعوب ولتحررها من رجال الدين السياسي.
———–
(*) محيي الدين محروس هو كاتب سوري