معلبات نسائية للبيع؛ العرف والنص وما بعد الحداثة… / ممدوح بيطار
تشييئ المخلوق البشري يعني تبخيسه الى مرتبة الشيئ الذي يشترى ويباع , التشييئ مفهوم احتقاري عدمي , لو تبنته قطاعات كبيرة من البشرية لزال المخلوق البشري من الوجود , التشييئ مفهوم مذل حتى لمن يروج له بشكل غير مباشر , هؤلاء يتطاولون على البشرية وعلى الذوق والأخلاق , التشييئ أمر مستهجن ومرفوض في كل العالم , باستثناء ديار بني يعرب .
من هو المتهم في هذ البلا د بتبخيس المرأة الى مرتبة الشيئ الذي يشترى ويباع , هل مابعد الحداثة المتميزة بعنفوان وتطرف الاستهلاك , اذ يتم استهلاك الانسان بشكل عام , أو العادات والتقاليد والأعراف البالية !!, هل المفاهيم السماوية في مجتمع معروف بتقيته هي التي تمارس التشييئ ؟, الذي يقزم المرأة الى جهاز تناسلي نكاحي ؟؟؟؟ ,
لم تميز مابعد الحداثة الاستهلاكية بين المرأة والرجل , انما شملت الانسان بشكل عام ,امراة ورجل وطفل وشيخ , لايحق لنا من منطلق تاريخي أن نبحث اشكالية استهلاكية مابعد الحداثة في مجتمعات هذه المنطقة , التي لم تتعرف لحد الآن على الحداثة, التحديث امرا آخر لاعلاقة له بالحداثة , لاحداثة في مجتمعات لاتزال بدوية فبلية ابوية رعوية , ففي مجتمعات مابعد الحداثة تتمكن المرأة من استهلاك الرجل ايضا , طريق الاستهلاك هنا ليس وحيد الاتجاه كما هو حال المجتمعات المتأخرة .
الجميع يسعدون ويعانون في نفس الوقت من الاستهلاك في مجتمع مابعد الحداثة , المرأة تتساوى هنا مع الرجل في كل مجالات الحياة , ان كانت استهلاكية أو تقشفية , أو استغلالية , المرأة هنا ليست فرج له جسد , ناقصة عقل ودين , كما يراها البعض , تعتبر مابعد الحداثة المرأة جسدا وعقلا كاملا وله فرج ايضا , ومن الطبيعي تشريحيا أن يكون لجسد المرأة فرج , الا أنه من غير الطبيعي أخلاقيا وتشريحيا وفيزيولوجيا , أن يتحول الجسد والعقل الى ملحق للفرج في المجتمعات المتأخرة , التي تبالغ في الاهتمام بالفرج ليصبح محور حباتها , الفرج مخصخص ومحصن ويمثل الحفاظ عليه أعلى القيم , هذه المجتمعات حولت سلامة غشاء الفرج الى معيار لسلامة الأخلاق .
تمكنت المرأة في مجتمعات الحداثة وما بعد الحداثة أن تخدم رغباتها وغرائزها ان كانت جنسية أو غير جنسية , ,ان ترتدي الثياب التي تريدها وتمارس المهنة التي تريدها , وأن تكون مستقلة اقتصاديا , وأن تتمكن من رفض بيعها وشرائها , تمكنت من العيش الكريم المستقل بدون وصاية او قوامة الرجل , اذ لم يعد يربطها بشريكها الا عامل الحب والاحترام , لا قوامة ولا نفقة ولا مهر…الخ , أما في المجتمعات المتأخرة , فالتبعية قسرية وتعتمد على الوصاية الاقتصادية والنفسية وعلى التفوق العضلي , هنا لاتستطيع المرأة الانفصال عن الرجل عندما تضطرب علاقتها معه , لأنها في هذه الحالة ستجوع وتهان , لذا فهي مرغمة على البقاء مع رجل ينكحها ويحتقرها تبعا لرغبته ,بهذا تتحقق شروط البغاء الشرعي .
من رحم النصوص ومن فقه النصوص , ولد الاطار , الذي يرغم المرأة على الاستكانة للدونية التي وضعت بها ,وذلك بتصورها وبتصويرها بالشكل الذي ليست عليه , الحجاب الأسود هو صورتها الشخصية , المرأة التي ولدت كغيرها من نساء الدنيا أصبحت خلف الحجاب ناقصة عقل ودين, شيئ يشترى ويباع بقصد المتعة والمسيار , مخلوقة مشوهة قتيلة جاهلة ومسحوقة ,ملحق تناسلي , شرفها بغشائها , ومقامها بانصياعها , وكرامتها بضربها الخ , هذه المرأة المعرضة للاذلال هي أم الأجيال , كيف حال هذه الأجيال في هذذا العصر ؟؟؟؟ .
ولنكن ولو لمرة واحدة صادقين مع أنفسنا ولنمتلك القدر الأدنى من أحترامنا لذاتنا , الذي تشكل المرأة أكثر من نصفه , أليس من العار استمرار وجود مقولة المرأة ناقصة عقل ودين , اليس تعدد الزوجات عار !, اليس زواج المسيار عار , اليس مفهوم القوامة عار ّ! ثم كيف يقبل الوجدان هدر كرامة المرأة وانسانيتها باعتبار شهادتها أمام القاضي مساوية لنصف شهادة الرجل !لا أريد التوسع في التطرق لكافة جوانب العار, التي لاتعني أقل من اعدام المرأة اجتماعيا وحقوقا ومكانة , فالعار عملاق , وتوصيفه يستلزم مجلدات ,
تمكنت الاعراف من ارتداء حلة الغيبية ,وساهمت الى حد كبير في تشييئ المرأة ,لم تتمكن المجتمعات المتأخرة من تجاوز العرف والعيش في ظل القانون , تمكن العرف من لوي رقبة القانون في العديد من نواحي الحياة ,مثل زواج الشغار …زوجني لأزوجك , مثل ارغام المرأة على التنازل عن حقها في الميراث لصالح البنين وليس لصالح البنات الخ , لاعمل بالقوانين الوضعية انما بالأعراف , وبذلك استمرت الحياة في رتابتها البدائية , الرتابة إرث حيواني, لأنّها أقرب الى الحياة الغريزية الدائرة حول محور التكرار , الرتابة تولد من رحم التكرار العقيم, الذي لايعمق التجربة وبالتالي الخبرة , لابل يسطحها, في مجتمعات الأعراف بقيت االنفسية بدوية , بالرغم من الاقامة في ناطحة سحاب , فناطحة السحاب ليست سوى كهف مرتفع في الاعالي.
يدعون تفوق حطام بشري مغلف بالسواد على السافرة وعلى كل نساء الدنيا , يريدون بهذا الادعاء تبرير فعلة الاساءة اليها وتغليفها بعد تعليبها لتسليعها , ادعاء للتزييف والسترة , صورة المرأة بحجاب تحجب رؤية ما وراء الحجاب من حطام بشري مثير للشفقة !
———-
/ من صفحة “سوريا بيتنا” على الفيسبوك
https://www.facebook.com/groups/2145780542237201/?multi_permalinks=2472192572929328¬if_id=1666235383734376¬if_t=group_activity&ref=notif